تفكيرك الإيجابي يحول خسارتك إلى أرباح
ﻳﺤﻜﻰ أﻥ رجلاً ﻛﺎﻥ يعيش في مدينة ساحلية وكان يعيل أسرةً مكونة من والديه العجوزين وزوجته وأولاده، وكان مصدر رزقه يتمثل في صناعة ﻗﻤﺎﺵ ﻟﻠﻤﺮﺍﻛﺐ ﺍﻟﺸﺮﺍﻋﻴﺔ، فيجلس هو وأفراد أسرته ﻃﻮﻝ ﺍﻟﺴﻨﺔ يعملون في حياكة وإنتاج ذلك ﺍﻟﻘﻤﺎﺵ ﺛﻢ ﻳﺒﻴﻌﻪ لأصحاب ﺍﻟﻤﺮﺍﻛﺐ.
ﻭفي ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ كان متجهاً ﻟﺒﻴﻊ إﻧﺘﺎﺝ ﺴﻨﺔ كاملة ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻤﺎﺵ لأﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺮﺍﻛﺐ، وجد أن أﺣﺪ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ القادمين من مدينة قريبة قد سبقه إﻟﻰ أﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺮﺍﻛﺐ ﻭﺑﺎﻉ أﻗﻤﺸﺘﻪ ﻟﻬﻢ، فكانت صدمته ﻛﺒﻴﺮﺓ بالطبع، إذ ضاع ﺭﺃﺱ ماله وجهد سنة كاملة دون فائدة أو نتيجة.
جلس الرجل على ناصية الطريق متحسراً ونادماً، ﻭﻭﺿﻊ ﺍﻟﻘﻤﺎﺵ أﻣﺎﻣﻪ ﻭأخذ ﻳﻔﻜﺮ في خسارته، ﻭﻛﺎﻥ أثناء جلوسه ﻣﺤﻂ ﺳﺨﺮﻳﺔ من المارة وأﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺮﺍﻛﺐ، وكان من ضمن ما سخروا به أن قال ﻟﻪ ﺃﺣﺪﻫﻢ ساخراً ومتهكماً: «ﺍﺻﻨﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﺮﺍﻭﻳﻞ ﻭﺍﺭﺗﺪﻳﻬﺎ أنت وعائلتك»!
فكر ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺟﻴﺪﺍً بتلك الفكرة، ﻭﻓﻌﻼً حمل الأقمشة وعاد إلى بيته مسرعاً وﻗﺎﻡ هو وعائلته بقص تلك الأشرعة وصناعة سراويل قوية ومتينة من أقمشتها لأصحاب ﺍﻟﻤﺮﺍﻛﺐ، وقرر بيعها ﻟﻘﺎﺀ ﺭﺑﺢ ﺑﺴﻴﻂ، ﻭأخذ ينادي: «ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺳﺮﻭﺍﻻً ﻣﻦ ﻗﻤﺎﺵ ﻗﻮﻱ ﻳﺘﺤﻤﻞ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻘﺎﺳﻴﺔ».
أﻋﺠﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺴﺮﺍﻭﻳﻞ ﻭﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﺸﺮﺍﺋﻬﺎ، ﻓﻮﻋﺪﻫﻢ ﺍﻟﺮﺟﻞ أﻥ ﻳﺼﻨﻊ مثلها وأفضل ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ، ﺛﻢ ﻗﺎﻡ ﺑﻌﻤﻞ ﺗﻌﺪﻳﻼﺕ ﻭإﺿﺎﻓﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺮﺍﻭﻳﻞ، ﻭﺻﻨﻊ ﻟﻬﺎ ﻣﺰﻳﺪﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻴﻮﺏ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﻮﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﻭﻫﻜﺬﺍ، ﺛﻢ ذهب ﺑﻬﺎ ﻷﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺮﺍﻛﺐ ﻓاﺸﺘﺮﻭﻫﺎ ﻣﻨﻪ.
ﻭﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﻤﻜّﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﻟﻨﺠﺎﺝ ﺳﺎﺣﻖ وحقق أرباحاً أكثر من تلك التي كان يحققها في صناعة الأشرعة، والخلاصة أن ﺍﻷﺯﻣﺔ ﻻ ﺗﺠﻌﻞ الإنسان ﻳﻘﻒ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ، ﻟﻜﻦ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺘﻨﺎ ﻟﻬﺎ ﻭﺭﺩﻭﺩ الأفعال ﻫﻲ ﻣﺎ ﺗﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺘﻘﺪﻡ إلى الأمام أﻭ ﻧﺘﺮﺍﺟﻊ إﻟﻰ ﺍﻟﺨﻠﻒ.