اشحذ «منشارك»
يُحكى أن شاباً كان يعمل حطاباً «تقطيع الحطب وجمعه وبيعه» وكان نشيطاً وقوياً وطموحاً ومثابراً لا يكلُّ عن العمل ولا يشغله عنه شاغل، حتى إنه كان قليلاً ما يأخذ قسطاً من الراحة أو يجتمع مع أهله وعائلته وأقاربه، بل كان يقضي كل وقته ويركز بشدة على قطع الأشجار، لدرجة أنه يرفض التوقف لشحذ منشاره المثلوم، ونتيجة لذلك بدأ وقته يضيع وطاقته تذهب هدراً في قطع الأشجار دون نتيجة مما اضطره للاعتراف بخطئه والتوقف لشحذ منشاره.
«شحذ المنشار» تعني التوقف بين فترة وأخرى لتجديد نشاطنا وصيانة أدواتنا التي تساعدنا على إنجاز أعمالنا وتحقيق أهدافنا ورغباتنا، ولا يقصد بها الجانب المادي والمحسوس وحسب بل تشمل الجانب المعنوي أيضاً، حيث يمكننا أن نتعلم من هذه القصة أهمية التوقف عن العمل بين فترة وأخرى لصيانة إمكانات الإنتاج الشخصية الخاصة بنا، في المجالات البدنية والذهنية والروحية والاجتماعية العاطفية، للوصول إلى أداء أفضل.
يمكن اعتبار صيانة إمكانات الإنتاج الخاصة بنا هي محور عادة «شحذ المنشار»، ولشحذ المنشار، عليك ببعض التعديلات اليومية التدريجية؛ معظم الناس على دراية كاملة بمواطن الضعف لديهم، وهم لا يرتاحون لوجود تلك النقاط، ومن المؤكد أنهم يفضلون تغييرها ولكنهم منغمسون في عملية التغيير التي أصبحت بمثابة عادة طبيعية ثانية بالنسبة لهم.
ممارسة الرياضة والدراسة والتدريب بانتظام يحسن حالة الذهن والجسد والحالة المعنوية للإنسان، لا يمكن للجسد والذهن والروح غير المصقولة وغير الشفافة أن تعمل بكفاءة، فبدون تدريب يصبح الذهن أقل قدرة على الاستخلاص من الذاكرة أو جمع المعلومات أو تقديم أفكار جديدة، وبدون الاهتمام بتعاملنا مع الناس تتبخر العلاقات وتندثر، وبدون التعرض للضوء تعمى العيون تدريجيا، وبدون حساسية واستجابة للمشاعر الداخلية، يموت الضمير.
البعد الروحي هو مصدر المعاني والأهداف والإلهام بالنسبة لنا، وهو يمثل لب وجوهر السباقية التي تعني اختيار استجابتنا بناء على القيم التي نؤمن بها، فنحن ننهل من البعد الروحي عن طريق الأنشطة التي تقربنا من الله سبحانه وتعالى.
البعد الاجتماعي يمنحك فرصة امتلاك القلوب، في حين ترتبط الأبعاد البدنية والروحية والذهنية بعلاقة قوية بكل من العادات الأولى والثانية والثالثة «مبادئ الرؤية الذاتية، والقيادة الذاتية والإدارة الذاتية»، فإن البعد الاجتماعي العاطفي يقوم على كل من العادات الرابعة والخامسة والسادسة «مبادئ القيادة الجماعية، والاتصالات التعاطفية والتعاون الخلاق» ويمثل البعد الاجتماعي تحديا لسباقيتنا، ويمثل الناس غالبا أكبر تحد لسباقيتنا، فمخالطتهم والعيش معهم يعطينا فرصة لتطبيق القيم التي نؤمن بها، وفي كل مرة نقوم بذلك نطور وننمي بعدنا الاجتماعي العاطفي.