على مدى أعوام عملي الأكاديمي ظل مركز التميز في التعلم والتعليم شريكًا فعليًا في تطوير الممارسة التدريسية؛ إذ لم يكتف بالخطاب التحفيزي، بل صاغ برامج وأنشطة عملية دقيقة تجاوز عددها 70 برنامجًا نوعيًا وخدمة أكاديمية وقدم أكثر من 100 ورشة عمل استفاد منها قرابة 3500 عضوًا أكاديميًا خلال مسيرة المركز و انعكس أثر هذه الخدمات إيجابيًا على ما يزيد عن 27500 طالب وما يزال العديد من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس يقطفون ثمار هذا العمل النوعي ، ومن بين تلك البرامج النوعية برنامج منح التميز في الدورة التاسعة والذي يعد رافدا لربط أهداف قاعات الدرس مع مخرجاتها. وبمراجعةٍ سريعة لمحتوى برامج ومبادرات المركز نجد خريطة واضحة ومتنوعة من العمل التطويري لخدمة أعضاء هيئة التدريس في تطوير أساليب تدريس مقرراتهم شملت: مواءمة المقررات مع الشهادات المهنية، وتطوير مصادر تعليمية مبتكرة مستدامة، وتفعيل إستراتيجيات تدريس وتقييم حديثة؛ وجميعها مسارات تقود إلى تعلمٍ أعمق واندماجٍ أعلى للطلبة، مع شهادة إنجازٍ ودعم مالي للنشر والتقديم في الفعاليات العلمية، وهو ما يشجع على تحويل التجربة الفردية إلى أثر مؤسسي قابل للقياس.
ولأن الجدارة تُبنى بالتراكم، فقد استفدت من أدوات المركز في مبادرة الخدمة المجتمعية؛ حيث صممنا موادًا مفتوحة الوصول، وربطنا تدريبات الطلبة بحاجات المجتمع، ثم قسنا الأثر من خلال مهام أداءٍ معيارية. هكذا تتجاور الفكرة مع التطبيق: موارد رقمية صديقة للهواتف، ولوحات متابعة تفاعلية، وأنشطة مبنية على المشكلات، وكل ذلك يُدار بتغذيةٍ راجعة مستمرة، فيتحول المقرر إلى بيئة تعلم حية، لا إلى محتوى ساكن. وإذ تتسع التجربة، تتسع معها شبكة التعاون بين الأقسام والزملاء والطلاب، فتتضاعف فرص التحسين، وتتولد نماذج قابلة للتكرار والتطوير.
ولا أنسى مبادرة "الزمالة" التي تفرد بها المركز على المستوى الوطني والعربي مرجعًا ومعيارًا؛ إذ تجمع بين التأهيل المنهجي والتمكين العملي، فتنتج مجتمعًا مهنيًا يتقاسم المعايير والأدوات والدروس المستفادة. وبالتالي تتكامل المنح مع الزمالة: الأولى تفتح ممرات التجريب المنضبط، والثانية ترسخ سلوك المراجعة المستمرة وبناء الأدلة. ومع توالي الدورات، ومع اتساع دوائر النشر والترشيح للمؤتمرات، يصبح المركز منصةً تعزز الجودة في التدريس الجامعي، لا بوصفها شعارات، بل بوصفها ممارسة قابلة للقياس، ممتدة الأثر، ومتجذرة في مسؤولية الجامعة تجاه طلابها ومجتمعها.
د. عادل المكينزي
عضو هيئة تدريس في قسم الإعلام
 
            
    