فقد الشهية العصابي Anorexia Nervosa

 

 

يتميز هذا المرض بسلوك موجّه ومقصود تجاه إنقاص الوزن، والتفكير الزائد بموضوع الأكل والوزن، وأساليب معينة للتعامل مع الطعام، مع خوف شديد من زيادة الوزن يصاحبه تشوهات لصورة الجسم الذهنية وأحياناً انقطاع الدورة الشهرية.

ويعتبر الاسم مضللاً نوعاً ما، فـفقد الشهية نادراً ما يحصل في هذا الاضطراب في المراحل المبكرة، وأشارت الكتب التاريخية إلى وجود هذا المرض وأعراضه منذ قديم الزمان خاصة لدى النساء.

 

نسبة انتشاره:

تصل نسبة انتشار هذا المرض في النساء خلال فترة المراهقة والشباب إلى 4% في بعض المجتمعات الخاصة، ولكن بشكل عام فإنه يصيب «0.5-1%» من الفتيات المراهقات، وأصبح كذلك أكثر شيوعاً في السنوات الماضية أكثر مما كان في الماضي. يبدأ هذا المرض عادةً في سن المراهقة «14-18 سنة»، وهناك حالات بدأت الأعراض بسن الثامنة، ولكن 5% من المرضى يظهر لديهم المرض في منتصف العشرينات من العمر.

وتبلغ نسبة حدوثه في النساء بحوالي عشرة إلى عشرين ضعفاً لدى الرجال. وكان يعتبر المرض في الماضي خاصاً بنساء الطبقة الراقية، ولكن الإحصائيات والدراسات الحديثة لم تثبت هذه الفكرة، فقد بدأ هذا الاضطراب يغزو الطبقات المتوسطة والفقيرة بسبب انتشار ثقافة النحافة. وينتشر المرض في الدول المتقدمة صناعياً أكثر من غيرها، وغالباً ما تكون ضحايا هذا المرض من النساء اللواتي يتطلب عملهن النحافة والرشاقة مثل عارضات الأزياء وراقصات البالية، وفي أحيان نادرة لدى راكبي خيل السباق.

ويترافق هذا المرض مع أمراض نفسية أخرى مثل الاكتئاب الذي وُجد بنسبة 65% من المريضات بمرض فقد الشهية العصابي، ووجد الرهاب الاجتماعي في 34%، والوسواس القهري في 26%.

 

الأسباب:

حاول العلماء معرفة سبب هذا المرض، فظهرت نظريات متنوعة منها البيولوجية والنفسية والاجتماعية:

الأسباب البيولوجية: أظهرت الدراسات وجود احتمال مسبب وراثي لهذا المرض في دراسات التوائم والدراسات الأسرية، كذلك فإن هناك نظريات أخرى مثل هرمونات الغدة الدرقية، والنواقل العصبية الكيميائية في الدماغ، ونظرية الأفيونات الموجودة داخل الجسم، ولكن لم تثبت أي من هذه النظريات علمياً بدليل قاطع.

العوامل الاجتماعية: يجد مرضى هذا الاضطراب دعماً وتشجيعاً لتصرفاتهم الخاطئة من مجتمعهم الذي يركز ويؤكد على النحافة والرشاقة والتمارين. وتزايد ضغط المجتمع في الآونة الأخيرة في توجيه الفتيات نحو النحافة، فالكتب والمجلات توجهت نحو تعليمهن كيفية حساب السعرات الحرارية في أنواع الأكل المختلفة، وصناعة الأزياء تدعو إلى النحافة وتشجعها، وكذلك الأفلام السينمائية والتلفزيون تبعث برسالة مفادها أن النحافة والرشاقة مرتبطة بحياة جنسية أفضل ونجاح في الحياة المهنية. ومن جهة أخرى، وجدت الدراسات أن علاقات المرضى مع عائلاتهم تكون أحياناً مضطربة ولكنها حميمة، وكانت العدوانية وجفاف المشاعر والعلاقات الزوجية المضطربة واضحة أيضاً في علاقات المرضى مع الأشخاص الآخرين.

الأسباب النفسية: فسر علماء النفس ظهور المرض بأنه عبارة عن رد فعل لحاجة المراهقين في التصرف بشكل أكثر استقلالاً، ومحاولة لإبراز دورهم الاجتماعي والجنسي. ويوجد لدى هؤلاء المرضى نقص في الإحساس بالذات والاستقلالية، ويشعرون أن أجسادهم تحت سيطرة والديهم، فيلجأون إلى إجاعة ذواتهم كإجراء يوفر لهم الإحساس بأنهم أشخاص مميزون وفريدون. فيشعر مرضى هذا الاضطراب بالإحساس بالذات والشعور بالاستقلالية فقط من خلال أفعال غير سوية لتعذيب الذات.

 

د. أحمد الهادي - قسم الطب النفسي 

إشراف اللجنة الدائمة لتعزيز الصحة النفسية بالجامعة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA