«رؤية 2030» والمسؤولية الاجتماعية في الجامعات

باتت الجامعات اليوم تلامس هموم المجتمعات، وتسهم في تلبية احتياجاتها، وتعزز جهود التنمية المستدامة أكثر من أي وقت مضى، مواكبة لخطوات العالم المتسارعة نحو تطوير دور الجامعات ومسؤوليتها تجاه المجتمع والوطن والاقتصاد بشكل يتجاوز رسالتها التقليدية الأكاديمية التربوية العلمية، إلى أدوار أكثر اتساعاً وشمولاً ونفعاً.

وقد ظل مفهوم المسؤولية الاجتماعية يتنامى بشكل مطرد، بغرض تطوير آليات اضطلاع المنشآت والمؤسسات بدورها تجاه المجتمع الذي تعمل فيه، من خلال حضورها الدائم والداعم لحلحلة مشكلات المجتمع ورفع مستواه، والعمل على تنميته وبنائه وفق منهجية علمية، ووسائل حديثة وبرامج متطورة.

والجامعات تأتي في طليعة المؤسسات التي تقوم بدور ريادي تجاه المجتمع، منطلقة من أهدافها النبيلة، ورسالتها السامية وتأثيرها الفاعل في المجتمع، فأصبحت تحتضن أجهزة وكيانات تنظيمية رائدة لإدارة وتفعيل المسؤولية الاجتماعية فيها، وتطوير برامجها والارتقاء بها لكي تؤدي المطلوب منها تجاه المجتمع.

وفي ظل الرؤية السعودية الطموحة 2030 نرتقب نقلة نوعية لمفهوم المسؤولية الاجتماعية في الجامعات لترتقي لمقام الرؤية الثاقبة، وما تتضمنه من خطط وبرامج ومرئيات وأهداف كبيرة يرجى أن تنقل الوطن إلى آفاق أرحب من الازدهار الاقتصادي على مختلف المستويات.

ولكي ترتقي المسؤولية الاجتماعية في الجامعات إلى مستوى طموح «رؤية 2030» لا بد من انتهاج الجانب العلمي والمنهجي الذي يخدم المجتمع ويتفق مع احتياجاته، وذلك من خلال تطوير الدراسات والبحوث وتمويلها وتبنيها، والاهتمام بقضايا البيئة وخدمتها وحمايتها والحفاظ عليها، والاهتمام بمخرجات التعليم وتوجيهها نحو خدمة المجتمع وتلبية متطلبات التنمية المستدامة.

ومن الأدوار المنوط بالجامعات الاضطلاع بها تحفيز الخريجين وتبني مشاريع التخرج وتحويلها إلى مشاريع تنموية نافعة للمجتمع، كذلك الاهتمام بالفئات ذات القدرات الخاصة لاسيما المعاقين، وتصميم برامج وخدمات وأنشطة خاصة بهم لأجل استثمار جهودهم وأفكارهم في ما ينفع المجتمع.

نتطلع إلى اهتمام أوسع بالجانب التوعوي والتثقيفي وتسخير كافة الجهود ووسائل الإعلام والشباب لدعم كل ما هو وطني واجتماعي وتنموي، حيث تستطيع الجامعات أن تطور مفهوم المسؤولية لديها طبقاً لتطور وسائل وبرامج التعليم وإيجاد بيئة عمل جاذبة تسهم في تكريس مفاهيم ومعاني وأهداف المسؤولية الاجتماعية بين أفراد المجتمع الجامعي ومحيطه.

ونتطلع كذلك لإدراج المسؤولية الاجتماعية في هيكلة الجامعات، بحيث تكون في صلب الهيكل الإداري والتنظيمي للجامعة، وهذا يزيد الاهتمام بها والارتقاء بأدائها، وصولاً إلى تقديم الخدمات بمشاركة المجتمع وليس من أجله وحسب، أي ارتباط المحتوى الأكاديمي بالبعد الخدمي، بحيث تكون جهود الجامعات في هذا المضمار بمشاركة المجتمع، وارتباط نشاطاتها بالمجتمع، وكذلك ربط البحوث العلمية بالمعرفة الاجتماعية.

إن التفكير بهذه الذهنية الواسعة يمنح الجامعات مساحات أرحب لتفعيل برامج المسؤولية الاجتماعية بصورة أكثر فائدة للمجتمع، وأقرب إلى التنمية المستدامة، وأكثر إسهاماً في دعم الاقتصاد الوطني.

إبراهيم المعطش

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA