الألوان .. علاج نفسي وطاقة إيجابية

كنت في حديقة مزهرة يوما ما بين نباتات بألوان زاهية و بديعة، استوقفتني كثيراً في النظر إليها والتأمل في معجزات الله سبحانه وتعالى على ما سخَّره الله لنا تناغم ألوان الطبيعة وتناسق أشكالها، فقادني ذلك للكتابة عن أسرارها ومعانيها المكنونة وإيحاءاتها الرمزية، التي تدخل البهجة في النفوس، فاللون بحد ذاته علم ولغة يفهمها الجميع الأمي والمتعلم.

وقد كان الإنسان منذ القدم قادراً على البحث والتأمل فيما حوله معتمداً على ردود فعله وغرائزه تجاه الطبيعة وحاول تفسيرها، ومع مرور الزمن أصبح لدى الإنسان طرقه الخاصة للتعبير عن الطبيعة وتفاعله معها ولا سيما ألوانها فالإنسان في العصر الحجري كان قادراً على تمييز الألوان الحارة والباردة ويظهر ذلك جلياً في الرسوم التي تم العثور عليها في الكهوف.

إن الألوان نعمة من الله واجب أن نشكره عليها، ولو تخيلنا الحياة من غير ألوان لسبّب ذلك القلق والإحباط والخوف، فالألوان مصدر للفرح والتفاؤل، وفي المقابل قد نجد أناساً لا يتأثرون بالألوان! وهناك من لديهم حساسية فائقة تجاه الألوان، يتذوقونها ويتفاعلون معها، مثل تفاعلهم مع الموسيقى مثلاً.

قد يكون اللون علاجا نفسيا فالإنسان يتأثر بألوان الملابس والألوان المحيطة به، ولذلك نجد أن الإنسان عندما يتجول بين الأشجار فإنه يحس براحة نفسية بسبب انعكاس الترددات الخضراء على جسده، فبعض الباحثين في دول الغرب يعالجون مرضاهم - وبخاصة مرضى الاكتئاب - بالنظر إلى النباتات والطبيعة الخضراء.

وهناك ألوان تعطي طاقة وتؤثر بشكل فسيولوجي على الإنسان عند مشاهدته للون معين، إذ أن للألوان القدرة على تعديل مشاعر الإنسان، فعلى سبيل المثال استخدام اللون الأحمر والبرتقالي في كثير من المطاعم يعد فاتحا للشهية في الأكل لذلك كثير من المطاعم تلجأ إلى مصممين محترفين لاختيار ألوان مناسبة لجذب الزبائن.

كما أن للألوان تأثيراً كبيراً في التحفيز النفسي والعاطفي لدى الإنسان، وفي إعطاء الطاقة الإيجابية، بدليل أن بعض الخبراء النفسيين في الموارد البشرية ينصح باستخدام اللون الأخضر في تأثيث مكاتب الموظفين ووضع نباتات خضراء بداخل مكاتبهم لأنه يعطي مشاعر إيجابية ويمد العاملين بالراحة والانسجام والنشاط، ولذلك نجد الأطباء في العمليات الجراحية يرتدون هذا اللون لتخفيف الألم عن مرضاهم، ولمنحهم الإحساس بالبهجة والسرور.

ومما يدل على معجزة الله سبحانه وتعالى في خلق ألوان الكون حينما يأتي المصمم في اختيار ألوان طبيعية من صور منظر حقيقي باستخدام (أداة الشافطة) المتواجدة في معظم برامج التصميم كالفوتوشوب والألستريتور مثلا نلاحظ تناسق اللون تلقائيا وانسجامه في التصميم بعد سحبه بالشافطة من المنظر الطبيعي.

ولكن عندما لا يوفق الرسام أو المصمم  في اختياره للألوان وعدم  تناسقها مع بعضها البعض يعطي شعورا بالذبذبة والتأثيرات الكهربائية، وهذا التأثير يؤدي إلى إجهاد العين وبالتالي يبدأ العصب البصري بإرسال إشارات مشوشة إلى الدماغ، ولهذه النتيجة ردود سلبية تكمن في إعطاء المشاهد الشعور بالوهم وعدم التركيز جيدا لذلك يجب توخي الحذر عند اختيار الألوان والفصل بينهما في حال تنافر الألوان بإحدى الألوان المحايدة كاللون الأسود أو الرمادي أو الأبيض ليحفز الدماغ على فصل اللونين.

نورة القحطاني 

ماجستير إعلام رقمي

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA