يكتسب الإنسان القيم منذ الصغر من خلال تربيته ونشأته ودينه وبيئته المحيطة، لكن الطالب الجامعي يتعامل مع القيم بطريقة مختلفة عن تعامله معها في البيئة المنزلية والمدرسية، حيث تتميز فترة الدراسة الجامعية بالتكيف الاجتماعي والتأثر بقيم الآخرين واعتقاداتهم، ويزداد شعور الفرد في هذه الفترة بالاستقلالية في التفكير واتخاذ القرارات المصيرية اعتماداً على القيم الإنسانية.
ولا تنحصر القيم الجامعية بما هو معروف من صفات حميدة وقيم أخلاقية وإنسانية نبيلة مثل الأمانة والإخلاص ونحوها من الصفات الفضيلة التي تتعلق بسلوك الفرد مع نفسه والآخرين، وتشمل كذلك مجموعة من القيم الخاصة بالحياة الحضارية مثل المسؤولية، واحترام آراء الآخرين، وقيم الولاء والانتماء العام، والانضباط، بالإضافة للقيم المهنية والأكاديمية.
هذا ما أكد عليه الفيلسوف المغربي الدكتور طه عبدالرحمن، الذي أشار إلى فرضية تثبت أن القيم الجامعية والعادات المكتسبة التي يكتسبها الطلبة الجامعيون تكون عادةً رفيقة لهم مدى الحياة، وأن هذه الفترة هي التي تتحدد فيها شخصية الإنسان وتكتمل من جميع جوانبها.
وعد الدكتور طه عبدالرحمن «احترام آراء الآخرين» أبرز القيم الجامعية التي ينبغي اكتسابها والتركيز عليها خلال المرحلة الجامعية، نظرياً وتطبيقياً، داعيا الطالب الجامعي إلى احترام الاختلاف الذي فطر الله الناس عليه، واحترام آراء زملائه ومعتقداتهم الدينية والسياسية، وألا يخوض نقاشات في تلك الأفكار والمعتقدات وخاصة الطلاب الجامعيين الذين يكملون دراساتهم في دول أوروبية أو دول مختلفة من حيث الثقافة.
ومن القيم الجامعية الأساسية حسب الباحث المغربي «الأمانة والصدق» و«إعمال الفكر» أو ما يطلق عليه «التفكير الناقد» باعتباره أحد مهارات التفكير العليا التي ترتكز على قدرة الفرد على تقويم الحجج والافتراضات وإصدار الأحكام عليها، بمعنى التحقق من المعلومة والتفكير فيها مراراً وتكراراً.
وكذلك على الطالب الجامعي اكتساب قيمة «الانضباط واحترام الوقت»، فالوقت من ذهب ولا أحد يعي أو يدرك هذه الحقيقة إلا الطالب الجامعي، و«الوفاء» كذلك من القيم الجامعية، و«العزة والتواضع»، و«حسن الظن بالله عز وجل»، و«التفاؤل والمثابرة» والاقتناع الكامل بأن كلاً منا معرضٌ للخطأ ولا يوجد بشر على هذه الكرة الأرضية كاملٌ أو معصوم أو سليم من الأخطاء، وأن التعلم واكتساب الخبرات لا يأتي إلا من التعلم من التجارب والأخطاء، وعلى الطالب الجامعي أن يثابر ويحاول بجد واجتهاد ولا يستسلم للعقبات والتحديات، فالمثابره والتفاؤل هي مفتاح النجاح في الحياة، ولابد أن يقترن بها التوكل على الله وحسن الظن به عز وجل.
إضافة تعليق جديد