مهارات التفكير الناقد.. الأهمية والفوائد

ما زالت مهارات التفكير الدنيا والمتمثلة في «التلقين والحفظ والاسترجاع»، على رأس الممارسات التربوية لدى الكثير من مؤسساتنا التعليمية، وهي ممارسة تقليدية قتلت روح الإبداع والتفكير والقدرة على التحليل المنطقي للمعلومة المتلقاة لدى متعلمينا.

وتتم تنمية مهارات التفكير عن طريق تدريب الطلاب على مهارات أو مستويات التفكير العليا الذي اُصطلح عليه تربوياً بالتفكير النقدي أو الناقد «Critical thinking» بشكل يجعلهم قادرين على إخضاع ما يتلقونه من معلومات للفحص، والتأمل، والتحليل ومن ثم «النقد» بناء على اعتبارات وأسس صحيحة، بدلاً من مجرد حفظ ما يقدم لهم من كم معرفي واستظهاره كما هو لاحقاً.

وتتطلب تنمية التفكير الناقد لدى طلابنا وطالباتنا تبني إستراتيجيات تدريسية جديدة تتناسب مع الاتجاهات التربوية الحديثة التي تنادي ببناء القدرات والمهارات التي يحتاجها متعلم اليوم، وإعداد المتعلمين للتعامل مع مصادر معلوماتية متعددة في عصر التقنية، والانفجار المعرفي الهائل، وتقديم تعليم نوعي متقدم، وبالتالي تخريج متعلمين ذوي قدرات فائقة ومسلحة بلغة العصر الحالي، ومفاهيمه، وآلياته بقدر يجعلهم قادرين على التعامل بكفاءة مع واقع ومتطلبات وقضايا عصرنا الحاضر.

أولى فوائد تنمية التفكير الناقد لدى طلابنا وطالباتنا تمكينهم من التعامل بطريقة صحيحة وملائمة مع المعلومات والنظر ملياً في مكوناتها وتحليلها واتخاذ القرار الملائم تجاهها، والقدرة أيضاً على التفرقة بين الفرضيات والتعميمات والحقائق والادعاءات.

الفائدة الأخرى تكمن في جعل الطلاب قادرين على الحكم بدرجة كبيرة على مدى مصداقية تلك المعلومة، وتقييم أسبابها ومبرراتها بناء على تفكير منطقي سليم وشواهد واقعية، وكذلك إثارة التساؤلات التي من شأنها تعميق فهمهم للقضية المطروحة للنقاش.

وإلى جانب ذلك تؤدي إلى تعميق فهم الطلبة للمحتوى العلمي وتبث فيهم روح التساؤل والبحث والتحري وعدم التسليم بالحقائق دون تحر كافٍ. كما أنها تزيد من ثقة المتعلم بنفسه، وتجعله أكثر إيجابية وتفاعلاً في عملية التعلُّم، وترفع من مستوى تحصيله العلمي، وتزيد من فرص التفاعل والتعاون بين الطلبة ومعلميهم، وتعزز مسؤولية المتعلم تجاه ما يتعلمه، وإضافة إلى ذلك تشجعه على الاكتشاف والاستقصاء.

وإلى جانب هذه الفوائد التربوية نجد أن تنمية الفكر الناقد لدى الطلاب تعمل على تشكُّل سمات شخصية تتمثَّل في جعل الطلبة قادرين على عرض وجهة نظرهم حيال العديد من القضايا والأفكار من خلال اختيار أفضل الطرق والوسائل التي تجعل عرضهم لوجهة نظرهم تقابل بكثير من الاحترام والتقدير من قبل الآخرين.

وبالإضافة إلى ذلك نجد أن امتلاك تلك المهارة يجعل من أبنائنا الطلاب والطالبات يتخذون مواقف أكثر عقلانية وحكمة تجاه ما يتعرضون له من مسائل وقضايا، وذلك بسبب نظرتهم لها من خلال زوايا رؤى يشوبها المنطق، والدقة، والموضوعية.

وبالإجمال يمكن القول إن تنمية ملكة التفكير الناقد يسهم في تشكيل أسس ومبادئ القدرة على الفهم، واتخاذ القرارات، ويؤسس لمهارات البحث والاستقصاء، كما أنها في الوقت نفسه تزيد من دافعية وإقبال الطلاب على التعلم لأنهم في ظل ذلك سيكونون محور العملية التعليمية.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA