الشباب والزواج 

زاوية: شبابنا

من سنن الله سبحانه وتعالى في الكون أنْ جعل التّكاثر في الأرض سنة لإعمارها، وعبادة الله وحده من خلال سبيل واحد هو الزّواج الشّرعيّ بالكيفيّة التي أمر الله بها في جميع الشّرائع السّماويّة.

كما أن الزواج يُعد وسيلة من وسائل تعزيز التضامن الاجتماعي وتوسيع دائرة العلاقات الاجتماعية بين الأسر المتصاهرة داخل المجتمع، ويقوي روابط الألفة والمحبة والتعاون وتحقيق الانتماء والمكانة الاجتماعية.

ويختلف الزواج باختلاف المجتمعات، أي باختلاف نظرتها للهدف من الزواج. فالمجتمعات التقليدية مثلاً تنظر إلى الزواج على أنَّه نظام محدد وعلاقة اجتماعية توجد لذاتها وتسعى لتحقيق المصالح الاجتماعية لعائلتين، فهو لا يهتم بالمصالح الشخصية لطرفي العلاقة -الزوجين- بل يتركز الاهتمام على مصالح عائلتي الزوجين.

بينما نجد أن المجتمعات الحديثة تنظر للزواج بمنظار فردي، باعتباره علاقة شخصية بين رجل وامرأة لتحقيق ذاتيتهما والتعبير عن أنفسهما وتكيفهما الشخصي الفعال للوصول إلى تحقيق حاجاتهما الشخصية.

وفي الإسلام شرع الله الزّواج في كتابه العزيز فقال تعالى «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون» سورة الروم: 21، وحثّ النبي صلى الله على عليه وسلم الشباب على الزواج المبكر؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشّباب من استطاع منكم الباءة؛ فليتزوّج؛ فإنّه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» متفق عليه.

ولا شك أن تأخّر سِن الزواج له انعكاسات وآثار سلبية على الشباب، وعلى المجتمع بوجه عام، وذلك من عدة نواح، حيث ينتج عن تأخر سن الزواج انتشار الرذيلة والفواحش والعلاقات المحرَّمة والانحرافات السلوكية والأخلاقية في المجتمع، وانتشار الاكتئاب والقلق، والسخط على المجتمع وسوء التكيّف الاجتماعي، والميل للوحدة والانعزالية، وتحميل الأهل أحياناً مسؤولية عدم الزواج ما قد يؤدي إلى العقوق، وانتشار ضعف الدم وفقدان الشهية، وقلة فرص الحمل لدى المرأة وزيادة نسبة الإجهاض وتشوّه الجنين وتعرض الحامل لارتفاع ضغط الدم، وغيرها.

إن الزواج في سن مبكرة له عدة مزايا لا يعرفها من لم يُقبل عليه، فالزواج في هذا السن ليس إلزامياً ولا تُوجد عليك أي ضغوطات مجتمعية لتقبل بمن اخترته لأي سبب من الأسباب، بالتالي يكون اختيارك قائماً على رغبتك واختياراتك الشخصية، فقد رأيت في شريكتك ما كنت تبحث عنه فعلاً.

كما أن الزواج في هذه السن يساعد الأزواج على الادخار وحفظ المال، وبالتالي تُصبح قدرة الزوجين أعلى على تدبير أموالهما وإنفاقها بحكمة، هذا ما أشارت إليه نتائج بعض الدراسات العلمية الحديثة.

أخيرًاً، ورغم تلك المزايا للزواج في سن مبكرة، إلا أننا نقول لك يا أيها الشاب لا تقبل على هذه الخطوة إن لم تكن مهيئاً لها جيداً؛ لأن أغلب الإحصائيات الرسمية أوضحت أن نسب الطلاق ترتفع للضعف بين من أقبلوا على هذه الخطوة قبل سن الخامسة والعشرين، وذلك لكثرة الضغوطات المادية والنفسية والاجتماعية التي تقع على عاتقهم. وفق الله شبابنا لما يحبه ويرضاه، وبناء أسرة مستقرة، وإلى اللقاء.

د. علي بن أحمد السالم 

المدينة الطبية الجامعية

alisalem@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA