الشباب وعمليات التجميل

زاوية: شبابنا

خلق الله سبحانه وتعالى الجمال فأبدع صنعه في كل شيء بهذا الكون، وهو جميل جل جلاله يحب الجمال؛ فعن عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا. قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس».

وقد ذكر العلماء أنه ليس المقصود بالحديث هنا جمال الصورة والمنظر، فليس كمثل الله شيء في الأرض ولا في السماء، ولكن علينا أن نجمل جوارحنا بالطاعة وإظهار نعم الله علينا وأداء شكرها، والمحافظة على النظافة في الثوب والبدن، لأن الله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال في القول والعمل.

وقد انتشرت في الأعوام القليلة الماضية ظاهرة غريبة بين أوساط الشباب الذكور خاصة، وهي عمليات التجميل حيث توجه بعض الشباب السعوديين نحو عيادات التجميل لإظهار الجوانب التجميلية التي ترضي خواطرهم، خصوصاً تجميل الأنف فهي تعد من أكثر العمليات رواجاً، ومن بعدها يأتي الليزر لإزالة الشعر غير المرغوب به.

وحسب إحصائية أصدرتها الجمعية الدولية للجراحة التجميلية، فإن السعودية من ضمن أكثر 25 دولة في العالم تنتشر فيها عمليات التجميل، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والهند والصين والبرازيل والمكسيك. كما احتلت السعودية المرتبة الأولى عربياً في عدد عمليات التجميل، ولوحظ ارتفاع إقبال السعوديين على عمليات التجميل، وتحديداً الشباب بين سن 19 و30 عاماً، إذ تصل نسبة الشباب السعوديين الذين يذهبون لعيادات التجميل إلى نحو 50٪ من إجمالي عدد الشباب.

هذا لا يعني أن جميع عمليات التجميل ترف، بل هناك بعض الحالات التي يضطر فيها الشخص للخضوع لعملية تجميل لأسباب صحية أبرزها المعاناة من ضيق التنفس، أو التعرض لكسور، أو مشكلات صحية أخرى كالاكتئاب المزمن بسبب تشوه خلقي، أو السُمنة المفرطة الأمر يؤدي به إلى الانطواء والعزلة الاجتماعية.

ويصنف خبراء علم النفس شغف الشباب المتزايد في إجراء العمليات التجميلة تحت إطار الخلل بالشخصية مع التطلع الأعمى لاستنساخ صور النجوم والمشاهير، فيما يقول مختصون إن 70٪ من النساء والرجال حول العالم يخضعون لعمليات تجميل دون الحاجة إليها. كما يؤكد خبراء الطب النفسي أن المرء مهما خضع لعمليات تجميلية فلن يصل إلى درجة الاقتناع؛ لأن المشكلة ليست في الشكل بل في طريقة التفكير والمقارنة اللامنطقية بين الشخص والآخر.

أخيراً، تثير عمليات التجميل جدلاً واسعاً بين مختلف شرائح المجتمع السعودي، فرغم أنها تلقى هجوماً شديداً من قبل عُلماء الدين وخبراء اجتماعيين؛ إلا أنها تستقطب الكثير من الشباب بعد أن استقطبت عدداً كبيراً من البنات، وما زالت عمليات التجميل تثير هذا الجدل بين الذين يرونها ضرورة لعلاج عيب خلقي منذ الولادة، وبين من يرونها ترفاً وتغييراً لخلق الله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، وإلى اللقاء.

د. علي بن أحمد السالم 

المدينة الطبية الجامعية

alisalem@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA