طاقاتنا الكامنة بحاجة لمن يستنهضها

زاوية: آفاق أكاديمية

أثناء عودتي ليلاً لسكن أعضاء هيئة التدريس بجامعة الملك سعود وجدتني مشدودًا إلى  أنوار ساطعة وخيام منصوبة وطلاب مقبلين على التدريب بداخل سور هذه الجامعة العريقة، وبسبب من فضول عندي وحب استطلاع يستبد بي حول مشاهداتي منذ مدة ليست بالقصيرة، إذا بي بإزاء طالبين ماثلين أمامي يرتديان زِي الكشافة يمضيان بخطوات مرتبة وهندام أنيق. استرعاني الموقف فسألتهما عن النشاط، فأجابا بثقة بأنهما في مخيم الجوالة، أقامته الجامعة للدراسة التأسيسية لقادة الوحدات الكشفية، ووجها لي الدعوة إلى الدخول والتعرف على ما يجري داخل هذا المخيم.

قبلت دعوتهما، ودلفت معهما إلى المخيم، استقبلني مشرفي المخيم خالد السيف، وفهد النهيو بالترحيب ويُعدّ هذا الأخير من القيادات البارزة في المجال الكشفي والتدريب، واصطحباني إلى إحدى خيم المخيم، في مشهد جميل يستعصي على النسيان أو الذوبان، خاصة وإن النار فاكهة الشتاء، إنها أخت الشمس، أو هكذا أتخيل الأمر! وتغدو «النار» أكثر حميمية وعلاقة بنا إذا تعلق الأمر بإعداد القهوة على جمرها.

 أخذنا مجالسنا وأطراف حديثنا، وكان الحديث حول أهمية ما تقدمه المخيمات الكشفية من برامج تدريبية متنوعة ومحاضرات مكثفة ودروس عملية ومهارات كشفية متنوعة، وذلك كله يسهم ـ على نحوٍ ما ـ في غرس روح التطوع وحب العمل وخدمة الآخرين في نفوس شبابنا الذين يتمتعون بكل مصادر ومقومات النبوغ والتفوق والتميز، وإبراز إبداعاتهم شاخصة في الواقع وصقل شخصياتهم.

 إلى ذلك فهذه البرامج تؤهلهم لتحمل المسؤولية واتخاذ القرار، وتهيئة شباب كشفيين فخورين بوطنهم يحملون القيم الإنسانية النبيلة، رافعين شعار خدمة وتنمية الوطن، ولاسيما في هذه المرحلة والظروف الحرجة التي يمر بها وطننا من التطورات والتحولات المهمة، خاصة وأننا نعيش الآن في عصر الثورة المعلوماتية والتقنية الهائل. 

ولا يوجد أدنى شك في أن المخيمات الكشفية هي أكثر ما يستنهض طاقات شبابنا الكامنة إيجابياً؛ إذ إنها تساعدهم على الارتباط بجامعتهم على نحو أمثل، وتحفّز طموحهم وإمكاناتهم، وتفرغ شحنات وطاقات كبيرة يختزنونها في المكان المناسب، مع الحرص قدر المستطاع على إيصال رسائل إيجابية تثقيفية وتربوية إليهم بأسلوب التشويق والمغامرة والترفيه، والأهم حمايتهم من الوقوع في براثن الأفكار المنحرفة والضالة وبث الوعي بينهم عبر نشر ثقافة الانتماء والتعاون وتحقيق روح العطاء للمجتمع بإدراك حاجاته وتلبيتها، وهو ما رأيته ولمسته في الواقع، ولكم يحس المرء برضا غامر وهو يشاهد الجوالة بهذا الحماس وهذا الحرص على العمل والتدريب.

 ولعلي اهتبل هذه الفرصة وأرى لزاماً عليّ –وقد انتقدت في هذه الزاوية تعطل هذا المخيم وعدم استخدامه- أن أشكر المسؤولين عن منشآت الجامعة على افتتاح وتشغيل المخيم.. غير أن الأمل أن تستكمل التجهيزات فما زالت المرافق بحاجة للكثير من الدعم اللازم لتحقيق المأمول منها. 

ولعلي أنقل رغبة طلابنا بأن يحظى الجوالة بتقدير أعضاء هيئة التدريس عبر تشجيعهم وتقدير مشاركاتهم في خدمة كلياتهم والجامعة؛ فضلاً عن الأثر الإيجابي في الارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم الحياتية.

 ونظراً لطبيعة هذا النشاط الشمولي فهو يجمع مختلف الأنشطة في نشاط واحد «ثقافي واجتماعي وتدريبي»، فإن الأمل أن يولي المسؤولون هذا النشاط مزيدًا من الدعم وتوفير الحوافز المادية والمعنوية، حتى يحقق أهدافه فهذه الأنشطة وسيلة تربوية تُعد شبابنا إعداداً سليماً للحياة، وتدربهم تدريباً، كي يتحملوا تبعات مستقبلهم.

بقي أن أقول، في الوقت الذي ننام ملء جفوننا في بيوتنا بانتهاء ساعات الدوام أو بعد أداء الواجبات الأكاديمية، يواصل زملاء لنا كرام العمل بكل تفانٍ وإخلاص إلى أوقات متأخرة، بل يعيش بعضهم أياماً عديدة بعيداً عن بيوتهم في رعاية أبنائنا الطلاب.. لذا، فإنني أذكر فأشكر المربي الفاضل د. محمد الصالح وكيل شؤون الطلاب والأستاذين السيف والنهيو على ما يقومون به من أدوار تربوية كريمة في سبيل بناء شباب يخدم دينه ووطنه. 

د. عادل المكينزي

makinzyadel@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA