د. طاهر: الأعمال المتميزة تنال حظها من الاعتراف عاجلاً أو آجلاً

التخطيط العمراني لا يناسبه العمل البحثي المنفرد بل لابد من فرق بحثية ومجموعات تفكير
مدننا تغرق بالمشاكل والباحث الجاد يهتم بإنتاج أعمال بحثية تعالج القضايا المهمة والمؤرقة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

حوار: م. علي محمد عجلان 

 

 

الدكتور طاهر بن عبدالحميد، عضو هيئة التدريس بقسم التخطيط العمراني في كلية العمارة والتخطيط، فاز بالجائزة الأولى في مجال التخطيط العمراني والإقليمي في مسابقة منظمة العواصم والمدن الإسلامية، واستلم الجائزة ودرع المنظمة وشهادة التقدير في حفل افتتاح المؤتمر الرابع عشر للمنظمة بتاريخ 29 صفر 1438هـ بمدينة الرباط بالمملكة المغربية، وتلقى بهذه المناسبة تهنئة عميد كلية العمارة والتخطيط ووكلاء الكلية ومنسوبيها، كما تقدمت له بالتهنئة صحيفة «رسالة الجامعة» وسعدت باستضافته لتسليط الضوء على فكرة الجائزة ومجالاتها ومعاييرها وماذا تمثل له إضافة لمحاور ومواضيع أخرى ذات صلة بالموضوع..

 

- بداية نبارك لكم حصولكم على جائزة منظمة العواصم والمدن الإسلامية، ونود تعريف القارئ بسيرتكم ومسيرتكم العلمية؟

 

أشكركم أولاً على هذه الاستضافة وهذه الالتفاتة الطيبة، أما بخصوص سيرتي ومسيرتي العلمية فهي منتظمة وعادية، كانت المراحل الأولى من دراستي حتى نيل درجة البكالوريوس في الجزائر ثم ابتُعثت بعدها إلى بريطانيا لمواصلة الدراسات العليا والتي تُوجت بحصولي فيها على درجة الدكتوراه.

 

- هل يمكن أن تقدم لنا نبذة بسيطة عن الجائزة ومجالاتها ومعاييرها؟

تنظم الجائزة منظمة العواصم والمدن الإسلامية مرة كل ثلاث سنوات، وتُمنح للفائز بالمسابقة في مجالي العمارة والتخطيط العمراني والإقليمي، أما معاييرها فتحددها المنظمة ولعل أهمها أن تكون الأعمال مبتكرة وتتناول قضايا العمارة والعمران في المدن الإسلامية.

 

- ماذا يعني لكم الفوز بالجائزة؟

الجائزة تصير شيئاً من الماضي بمجرد الإعلان عن الفوز بها، فهي لا تعدو كونها مجرد محطة للتذكير أن الأعمال الجيدة ستنال حظها من الاعتراف إن آجلاً أو عاجلاً، ويمكنني أن أضيف أنها محفزة أيضاً للعمل الدؤوب والمتواصل والتطلع دائمًا للأفضل والأجود، المهم في الأمر هو العمل بجد ومثابرة دون استعجال النتائج، فمن يحمل هم البحث العلمي سوف لن يخلد للراحة أبداً، بل إن راحته في إنتاج المزيد من الأعمال البحثية الراقية ومعالجة القضايا التي تؤرق المهتمين بشؤون المدينة وتخطيط عمرانها.

 

- ما أبرز مشاكل مدننا حالياً وما الذي نحتاجه للحد منها؟

هذا سؤال كبير لو خُصصت له أضعاف مساحة صحيفتكم ما استوفينا حقه في الإجابة، فمدننا تغرق في بحور من المشاكل والقضايا، وهناك العديد من المشاكل العمرانية ومشاكل المرور ومشاكل الإسكان ومشاكل أداء المدينة لوظائفها ومشاكل جماليات التصاميم، مضافاً إليها كم هائل من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، لكن هذه المشاكل هي في ذات الوقت فرصة للباحثين لينبروا لتحليلها وتفكيك عناصرها وبحثها وإبداع الحلول والمقترحات لمعالجتها، وهنا يكمن مجال إبداعنا وإسهامنا كباحثين في أن نقدم شيئا للمعرفة البشرية في هذه التخصصات، وحيث إن مشاكل مدننا متفردة ومتميزة فإن الحلول ستكون أيضاً مبتكرة ومتميزة، وبهذه البحوث يمكن للمختصين الإبداع والتميز كل في تخصصه والإسهام بالتالي في تقديم إضافة جادة لحقول المعرفة وفرصة واعدة للفوز بجوائز عالمية لمن أراد المشاركة في المسابقات، ومن لا يتقدم لمثل هذه المسابقات، فسوف لن يكون من الفائزين إطلاقاً.

 

- عُرف الدكتور طاهر بإسهاماته المتميزة في البحث العلمي، ما هي برأيكم العوامل التي تساعد الباحثين في مجال التخطيط العمراني للحد من المشاكل التي تعانيها مدننا والتي ذكرتموها سعادتكم سلفاً؟

أنا لست من الذين يؤمنون بالفارس الوحيد والمغوار في ميدان البحث العلمي، بل أؤمن وأدعو لتكوين  فرق بحثية ومجموعات تفكير «Think Tank Groups» في قضايا العمارة والعمران، باعتبار أن البحوث المشتركة هي الضمان الكفيل بإيجاد الحلول لمشاكل مدننا المستعصية على اختلافها وعلى تعقيداتها، والنقطة الثانية والتي لا تقل أهمية عن سابقتها فتخص توفير معلومات ذات مصداقية للباحثين ليشتغلوا عليها، فالباحث لا يمكنه أن يقوم بدراسة جادة لأي ظاهرة دون توفر البيانات، لكن للأسف الشديد، نجد الباحث عندنا يعاني كثيرًا من شح المعلومات ويصطدم بجبال من البيروقراطية تعيق مسعاه في الحصول على المعلومة الضرورية لإنجاز أعماله وبحوثه.

 

- ما الرسالة التي تحب أن توجهها للعاملين والمسؤولين في قطاع التخطيط العمراني؟

لست من النوع الذي يرغب في توجيه رسائل للآخرين، ولكن إذا كنت مصراً على ذلك فسأقول إنه ينبغي للمسؤولين والعاملين في قطاع التخطيط العمراني أن يسعوا لتأسيس مجموعات تفكير Think Tank Groups في هذا الخصوص، فأمر بهذا التعقيد كما هو الحال المتعلق بالشأن العمراني لا ينبغي أن يترك اتخاذ القرارات فيه لمجرد التخمينات أو التوجهات الفكرية لأي مسؤول، وإنما عليه أن يهتدي ويستنير بآراء نابعة من مراكز البحوث ومجموعات التفكير التي تبني مقترحاتها على معطيات وبيانات تتمتع بالصدق والمصداقية؛ فالمسؤول على الشأن العمراني عندنا كثيراً ما تجرفه بيروقراطية الإدارة إلى الاستغراق في معالجة القضايا اليومية والأمور الاستعجالية فينسى في خضم كل هذا القضايا الاستراتيجية الكبرى ويغفل عن تعقيداتها وتلابيبها وتداخل عناصرها وتشابكها.

 

- ما سر تركيزك على الفرق البحثية؟ وبم تتميز من وجهة نظرك؟

الفرق البحثية بحكم طبيعة عملها مستقلة عن البيروقراطيات، فينصب تركيزها واهتمامها على القضية البحثية التي تحاول تفكيكها وتحليلها، وهنا يكمن الدور الأهم الذي يلعبه الباحثون في صناعة القرار وتوجيه المسؤول على الشأن العمراني لاتخاذ القرارات السليمة عن بينة ودراية بأبعادها وخلفياتها ومراميها.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA