ماذا تعرف عن نظرية بياجيه؟

فلاتة: نظرية شاملة تدرس الذكاء البشري وتطوره وتركز على مرحلة الطفولة
الرحيلي: نظرية معرفية تتعامل مع طبيعة المعرفة بحد ذاتها وتطورها التدريجي
الأسمري: بياجيه عالم نفسي درس النمو المعرفي وركز على عوامل الذكاء ومؤثراته

 

استطلاع: عبدالله السعدون

قدمت نظرية بياجيه إسهامًا في فهم النمو المعرفي وحددت خصائص ومراحل النمو المعرفي بدءًا من سن الولادة حتى نهاية المراهقة، وتبدأ بداية التفكير لدى الفرد، حسب بياجيه، عند اضطراب الاتزان المعرفي فيسعى للتكيف مع المثيرات، من خلال عمليتي: التمثل Assimilation التي يستخدم فيها الفرد خبراته الموجودة في بنائه المعرفي لإيجاد حل لهذا الاضطراب، والملاءمة Accommodation التي يستخدمها ليتكيف مع الخبرة الجديدة، وذلك بحذف أو تعديل ما لديه من معلومات تتعلق بهذه الخبرة في بنائه المعرفي، وفي هذا الاستطلاع رصدنا معلومات مجموعة من الطلاب حول هذه النظرية ورجعنا بالحصيلة التالية..

 

مرحلة الطفولة

بداية قال مروان فلاتة، طالب إعلام، ممثل مسرحي: تعتبر نظرية بياجيه في التطور المعرفي، نظرية شاملة عن طبيعة الذكاء البشري وتطوره، وقد اعتقد جان بياجيه أن لمرحلة الطفولة دوراً حيوياً وفاعلاً في تنمية الذكاء باعتبار أن الذكاء ينمو بشكل تدريجي وله مقومات تزيد من فعاليته كالسلوك التربوي والغذاء.

 

معرفية تنموية

أما عبدالله الرحيلي، طالب إعلام، ممثل مسرحي أيضاً، فيرى أن نظرية بياجيه في الأصل نظرية معرفية تنموية تتعامل مع طبيعة المعرفة بحد ذاتها، وكيف يتقدم البشر تدريجياً في اكتسابها وبنائها واستخدامها. وأضاف: لست مطلعاً كفاية عليها لكن أعتقد أنها أخذت وقتًا طويلاً لتكتشف بشكل كامل ونهائي ويتم تحديثها وتطويرها مؤخرًا.

 

عالم نفسي

من جانبه قال عبدالعزيز الأسمري، طالب سنة تحضيرية، مصور: أذكر أننا أخذنا عنها نبذة في مادة الأحياء في الفترة المدرسية، وعرفت أن بياجيه عالم نفسي كرس نفسه لدراسة النمو المعرفي، وكان فرع من دراسته يختص بالذكاء وعوامل الذكاء ومؤثرات الذكاء كالدعم الذي يجب أن توفره الأسرة وجو من الأمان والراحة النفسية للطفل لكي ينمو بشكل طبيعي.

 

فيلسوف سويسري

بينما قال عبدالله الشجاري، طالب حقوق: نظرية فلسفية نفسية معقدة تتكلم عن الذكاء، وبياجيه عالم نفسي وفيلسوف سويسري وأستاذ جامعي، وقد طور نظرية التطور المعرفي عند الأطفال فيما يعرف الآن بعلم المعرفة الوراثية، وأنشأ مركز النظرية العلمية الوراثية وترأسه خلال الفترة 1965- 1980م وهي سنة وفاته، ويعتبر بياجيه رائد المدرسة البنائية في علم النفس، ولدي رغبة ملحة لشكر رسالة الجامعة على هذه الأسئلة المميزة التي تزيد الأثر المعرفي لدي الطالب أكاديميًا.

 

الإجابة العلمية

 

نظرية النمو المعرفي

بدأ بياجيه حياته بدراسة البايولوجي، ثم بدأ اهتمامه بعلم المعرفة Epistemologyوقاده ذلك إلى دراسة النمو المعرفي للإنسان معتمداً على أسلوبه الإكلينيكي المتميز وعلى ملاحظة الأطفال، ويرى بياجيه أن النمو المعرفي هو حصيلة التفاعل بين العوامل البيولوجية «النضج» والعوامل البيئية «الخبرة»، إلا أنه يركز بشكل أكبر على العوامل البايولوجية.

 

توافق وتنظيم

وحسب بياجيه يتم النمو المعرفي من خلال عمليتي التوافق Adaptation والتنظيم Organization، فأثناء عملية النمو يكتشف الفرد عدم كفاية معارفه لحل مشكلاته مما يؤدي إلى حالة من عدم التوازن Disequilibrium وهذه الحالة تدفع الفرد إلى السعي لاستعادة أو تحقيق التوازن Equilibrium بإحدى طريقتين هما «التمثل والملاءمة».

 

تحديد الخصائص

تعد الإسهامات التي قدمتها نظرية بياجيه في النمو المعرفي، المصدر الرئيس للمعرفة في هذا الميدان، فقد حقق بياجيه إنجازاً علمياً تمثل في نظريته المعرفية المرحلية التي حددت خصائص المراحل المختلفة للنمو المعرفي، فهو يعتقد أن الفرد يكون في حالة اتزان طالما أن المعلومات التي يستقبلها من البيئة الخارجية لا تخالف ما لديه من مخزون معرفي.

 

تمثّل وملاءمة

بداية التفكير لدى الفرد، حسب بياجيه، تبدأ عند اضطراب الاتزان المعرفي، فيسعى الفرد للتكيف مع المثيرات، وفي حالة وجود خبرة متناقضة مع ما يحمله الفرد يبدأ بالاضطراب بسبب التناقض، ولا بد من التخلص من هذا الاضطراب من خلال عمليتي التمثل Assimilation التي يستخدم فيها الفرد خبراته الموجودة في بنائه المعرفي لإيجاد حل لهذا الاضطراب، والملاءمة Accommodation التي يستخدمها ليتكيف مع الخبرة الجديدة، وذلك بحذف أو تعديل ما لديه من معلومات تتعلق بهذه الخبرة في بنائه المعرفي.

 

المكون المعرفي

نظرية بياجيه تؤكد أن التغير في البناء المعرفي يحدث نتيجة استخدام عمليتي التمثل والمواءمة، حيث عرف البناء المعرفي بأنه مجموعة من النماذج السلوكية أو المعارف التي تتكون لدى الفرد نتيجة الخبرة والتفاعل مع البيئة، وقد أطلق بياجيه على أبسط هذه السلوكات اسم المخطط Schema أو المكون المعرفي للسلوك، حيث تنمو هذه كلما انتقل الفرد من مرحلة نمائية إلى أخرى ومن خلال هذا النمو يصل الفرد إلى أرقى قدرة على التفكير العقلاني المنطقي المجرد.

 

4 مراحل

يرى بياجيه أن نمو الذكاء ونمو التفكير مرادفان لنمو المنطق، ولذلك ربط نمو المنطق بنمو التفكير، واعتبر المراحل التي عبر عنها بمراحل النمو المعرفي Cognitive Stage أنها نفس مراحل نمو المنطق. كما أن الطفل حسب بياجيه يمر أثناء تطوره المعرفي بأربع مراحل أساسية تمثل كل واحدة منها شكلاً من أشكال التفكير وهذه المراحل هي:

 

- فترة الذكاء الحسي–الحركي Sensori-motor intelligence «ولادة –2 سنة»: وهي تستغرق العامين الأولين من حياة الطفل، وفيها يكتسب الطفل قدرته على التفكير والاستنتاج من خلال الصور العقلية الحسية.

 

- فترة التفكير ما قبل العملي Preoperational Thought «2-7 سنوات»: هذه المرحلة تبدأ بفترة يتمكن الطفل خلالها من التعرف على الكلمات والرموز من خلال الموضوعات التي يصادفها أي التطابق بين الكلمة والموضوع.

 

- فترة العمليات العيانية Cocrete Operation «7-11 سنة»: في هذه الفترة يطور الطفل ما يسميه بياجيه بالعمليات المنطقية Logical Operations أي أن الطفل يطور تلك العمليات الفكرية المنطقية التي يمكن تطبيقها في كل المسائل العيانية، حيث يقوم طفل العمليات العيانية بصنع قرارات معرفية ومنطقية بما يتناقض والقرارات المدركة الحسية. 

 

- فترة العمليات الشكلية Formal Operatione «11-15 سنة»: يطور الطفل، خلال فترة العمليات الشكلية القابلية على حل جميع أنواع المسائل التي يمكن حلها باستخدام المنطق، واستناداً إلى «بياجيه» تصل بُنى الطفل المعرفية إلى النضج خلال هذه الفترة، أي أن قدرات الطفل الخاصة بنوعية التفكير تصل ذروتها عند اكتسابه العمليات الشكلية.  

 

بناء معرفي

بعد فترة العمليات الشكلية لن تكون ثمة تحسينات بنيوية أخرى في الجهاز المعرفي «المخططات»، إذ إن المراهق بعد هذه الفترة يمتلك بوجه عام، بناءً معرفياً يتيح له التفكير كالراشدين، وهذا لا يعني أن تفكير المراهق الشكلي هو بالضرورة في نفس جودة تفكير الراشد في جميع الحالات، إلا أنه يعني أن مقدرة جديدة قد حصلت.

 

تغيرات كمية 

التمثل والمواءمة يستمران طوال الحياة ليؤديا إلى تغيرات في المخططات غير أن التغيرات في قدرات التفكير في نهاية فترة العمليات الشكلية تكون تغيرات كمية لا نوعية فيما يخص العمليات المنطقية والبنى، فبُنى الذكاء لا تتحسن بعد هذه الفترة، لكن محتوى ووظيفة الذكاء قد يتحسنان، وهذا لا يعني أن استخدام التفكير لا يمكن أن يتحسن بعد المراهقة، إذ إن محتوى ووظيفة التفكير يكونان أكثر تحرراً في النوع والتحسن بعد هذه الفترة، وهذا يساعد جزئياً في تفسير بعض الاختلافات الأساسية بين تفكير المراهق وتفكير البالغ.

 

أحمد محمد الغرايبة

أستاذ مشارك - علم النفس العصبي المعرفي

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA