شاهد وشجع .. دون تعصب

زاوية: شبابنا

تُعد الرياضة أحد الأنشطة الإنسانية المهمة، فلا يكاد يخلو مجتمع من شكل من أشكال الرياضة، بغض النظر عن درجة تقدم أو تخلف هذا المجتمع، ولقد عرفها الإنسان عبر عصوره وحضاراته المختلفة، وإن تفاوتت توجهات كل حضارة بشأنها، فبعض الحضارات اهتمت بالرياضة لاعتبارات عسكرية، سواء كانت دفاعية أو توسعية، والبعض الآخر مارس الرياضة لشغل أوقات الفراغ، والبعض اعتبرها طريقة تربوية، في حين نظر إليها البعض من ناحية الآثار الصحية التي ارتبطت بالرياضة منذ القدم.

وفي المجتمع السعودي أُنشئت الهيئة العامة للرياضة عام 1394هـ، وكانت تعرف سابقاً باسم الرئاسة العامة لرعاية الشباب، لتكون الجهة الحكومية المسؤولة عن أوجه النشاط الرياضي والاجتماعي؛ إذ تقوم الهيئة بتوفير جميع المرافق الرياضية من مراكز وصالات ومعسكرات ومقار للأندية بكامل تجهزاتها لخدمة الشباب، ورفع مستوى اللياقة البدنية، وشغل أوقات الفراغ بما ينفهم.

الغريب أن الكثير من الشباب لا يمارس الرياضة رغم تعلقهم المنقطع النظير بها وخصوصاً كرة القدم والاهتمام الواضح من طرف الهيئة العامة للرياضة، هذا ما أشارت إليه العديد من الدراسات والأبحاث العلمية الحديثة، ولكن يبدو أن معظم جهود الهيئة منصرفة إلى الأندية الرياضية، وإلى الرياضة في شكلها الاحترافي، لهذا ازداد اهتمام الشباب بالمشاهدة على حساب مزاولة الرياضة فعلاً.

واللافت للنظر أن مستوى الثقافة الرياضية عند الشباب بشكل عام عالٍ ويهتم بالتفاصيل حتى غدت أخبار الرياضة وتشجيع هذا النادي ضد آخر هي البديل عن ممارسة الرياضة والإفادة من ذلك صحياً، فأصبحت المشاهدة ومتابعة الأخبار نوعاً من الترويح، ويستغرق قدراً كبيراً من أوقات الشباب.

زد على ذلك ظاهرة التعصب الرياضي التي ظهرت بشكل مخيف في الوسط الرياضي وخاصة بين الشباب، وعُرفت منذ أن اشتهرت كرة القدم وتعتبر طبيعية إذا كانت بين المشجعين، ولكنها غير مقبولة للانتشار إعلامياً، فالمفروض بالإعلام تخفيف الاحتقان الجماهيري والتصرفات الغير أخلاقية والتصريحات النارية والعبارات غير اللائقة.

إن التعصب الرياضي الأعمى له آثار بالغة الخطورة كالانشغال عن الواجبات، والتفريط في الطاعات، والغفلة عن الذكر والقرآن، وشغل الشباب عن قضايا الأمة، وميادين العمل والإنتاج، وانتشار أمراض السكري وارتفاع ضغط الدم والقلب، والتوتر، والقلق النفسي، والعداوة والبغضاء بين الأهل والأصدقاء، وغيرها من الآثار السلبية.

ومع ذلك ورغم أن الكثير من الشباب لا يمارس الرياضة بالشكل الصحي السليم، ويفضل مشاهدة الرياضة على ممارستها وهذا حق مشروع له، ولكن على أقل تقدير، يا أيها الشاب شاهد وشجع دون تعصب أعمى، وكن مشجعاً إيجابياً وساهم في دعم النادي الذي تنتمي إليه، وارسم صورة ثقافية عالية عن السلوك الرياضي المتحضر، وإياك الانسياق وراء المهاترات من بعض المنتمين للرياضة سواء عبر بعض القنوات الرياضية الفضائية أو الإعلامية المقروءة أو حتى ما يحصل في بعض ميادين الملاعب من شتم وسباب وقذف بالقوارير وغيرها والتلفظ على اللاعبين أو الإداريين أو الحكام بألفاظ لا تتفق مع قيمنا وديننا الحنيف، ناهيك عن السلوك غير الرياضي من بعض اللاعبين والمفترض أنهم قدوة للأجيال الرياضية الشابة، وإلى اللقاء.

د. علي بن أحمد السالم 

المدينة الطبية الجامعية

alisalem@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA