الجودة والروتين.. قد يلتقيان

يظلم بعض الناس الجودة عندما يظنون أنها الروتين نفسه، وأقلهم يصفها بأنها منظمة للروتين، بل إن كثيراً منهم يتساءل هل الجودة تغني عن الروتين والبيروقراطية والقواعد المنظمة للعمل حرفياً، أم أن للجودة مرونة تستطيع من خلالها النفاذ داخل الجمود الروتيني وإظهار جمال ورونق العمل المقدم والمنجز، وهل روتين العمل يعيق الجودة أم أن الجودة هي التي تعيق الروتين وقواعده، وبالتالي تؤثر على العمل سلباً، من حيث إنها كسرت قواعد الروتين وبالتالي يؤدي ذلك لتأخر المؤسسة.

إننا حين ننظر إلى الدراسات الحديثة نكتشف أن المؤسسة كلما تمتع أعضاؤها بعلاقات إنسانية واجتماعية طيبة فيما بينهم وبينهم وبين مديرهم وكانت الروابط بينهم قوية، كان الدافع للإنجاز أعلى وتزيد فعالية المؤسسة وجودة منتجها التعليمي «باعتبار المؤسسة تعليمية» في حين أن كثيراً من المؤسسات قد لا تحقق نفس المستوى من الإنجاز والتقدم وجودة المنتج، مع أنها خضعت لمستوى عالٍ من الروتين والقواعد الحرفية العالية والمنظمة للعمل على أكمل وجه.

إن كثيرًا من موظفي المؤسسة يؤدون عملهم بالروتين والقواعد المنفذة للعمل كما ينبغي ودون أن يرى أو يدرك بعضهم الهدف من ورائها، فهو ترس في آلة، على علم بمهامه الوظيفية وكيفية أدائها كما ينبغي، ولكن لا يعنيه هل يمكن بأداء وظيفي أقل من المتاح أن يعطي نفس النتائج، بل هل يمكن بأداء وظيفي أكبر بقليل من الموجود حالياً أن يكون الإنجاز أكبر والجودة أفضل وأدق.

إن الموظف بأي مؤسسة تعليمية، إذا نظر بعين ثاقبة ورؤية مغايرة لطبيعة عمله كنظرة مستشار من الخارج لما يفعله وسأل نفسه لماذا أقوم بهذا العمل ولماذا أقوم به على هذا الأسلوب؟ فإنه سيجد في النهاية خطوات وإجراءات كثيرة جدا يمكن التخلص منها قد استنزفت عمل المؤسسة فيما لا يؤثر وقد لا يفيد ولا يجدي نفعاً في كثير من الأحيان طبقاً للروتين المعقد والمنظم لعمل المؤسسة والذي يمكن اختصار خطواته المتعددة إلى خطوات قليلة ملموسة وواقعية ومتصلة بالهدف مباشرة، وهذا ما قد تفيد به الجودة بصورة مباشرة وغير مباشرة أحياناً من ترتيب للعمل ودقة في خطواته وعدم وجود هدر بسبب المحك المرجعي الذي تستند إليه.

وبهذا فإن مهمة المدير الناجح لأي مؤسسة أن يفهم مؤسسته جيدا ومهامه الوظيفية والمهام الوظيفية لجميع العاملين بها، ويحاول جاهداً الوصول لأعلى مستوى من الجودة في حدود الإمكانات والفرص المتاحة واختصار الخطوات دون أن يمثل الروتين عبئاً ثقيلاً على المرؤوسين بل بود وألفة وتعاون بين الموظفين، يعي ظروفهم جيداً ويقدرها بل ويحل مشكلاتهم والمشكلات التي تنشأ بينهم أحياناً ويزيد من عمق الروابط بينهم كفريق واحد، وبهذا يجمع موظفو المؤسسة بين الجودة ونظمها والدافع للإنجاز كفريق واحد يتطلع لتحقيق منجزات ليس لها مثيل تتضح في مؤشرات الأداء، وبالتالي في مستويات الجودة.

وفي النهاية يمكننا القول إن الجودة والروتين قد لا ينسجمان أو يلتقيان إلا مع مدير يستطيع الربط بينهما بحيث يتحققان بتوافق ودون تضاد ليتحقق الهدف المنشود في جودة المنتج المرغوب فيه.  

د. هشام عبدالغفار 

أستاذ تعليم وتدريس الرياضيات المساعد

منسق الجودة - قسم العلوم الأساسية

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA