طريقة تفكيرنا تؤثر في نوعية حياتنا

التفكير الناقد طريقة منهجيّة لتشكيل فكر الإنسان وصياغته ليعمل بدقة وانضباط وفق معايير عقلية، وبالتالي فهو منطقي، ويتميّز عن غيره من أنواع التفكير الأخرى، بكون المفكّر مدركًا لطبيعة نظام الفكر عالي الجودة، ويراجع نفسه باستمرار سعيًا لتحسين نوعية تفكيره وطريقة حياته.

وكما هو الحال في كل نظام، فإن التفكير الناقد ليس مجرد سلسلة عشوائية من المكونات والخصائص، بل إن كل مكوناته وعناصره ومبادئه ومعاييره وقيمه تشكل شبكة عمل متكاملة، يمكن تطبيقها بفاعلية، ليس على الصعيد الأكاديمي التعليمي فحسب، بل على صعيد الحياة العامة.

والتفكير الناقد يقوم على فرضيتين، أولاهما أن نوعية تفكيرنا تؤثر في نوعية حياتنا، وثانيهما أنه يمكن لأي شخص أن يتعلم كيف يُحسن نوعية تفكيره باستمرار، كما أن التفكير الناقد ينطوي على هدف أسمى في التعليم المدرسيّ وفي مكان العمل؛ إذ يجب أن يهدف التعليم وفقه إلى مساعدة الطلاب في تحسين تفكيرهم.

ويمتاز التفكير الناقد الشمولي بعدة خصائص، أبرزها أنه تفكير مستجيب ومسترشد بمعايير فكرية عقلانية تشمل الدقة والضبط والوضوح والعمق والاتّساع. كما أنه يدعم تطور السمات العقلية لدى المفكر مثل تواضع الفكر وتكامله ومثابرته والتعاطف الفكري والانضباط الفكري الذاتي بطريقة متأنية، وفي الوقت ذاته يمكن الطالب من تحديد عناصر التفكير المطلوبة لحل أي مشكلة، فعلى سبيل المثال يتمكن الطالب من الربط منطقيًّا بين العناصر والمشكلة التي يعمل لحلها، وذلك من خلال طرح أسئلة تتعلّق بموضوع التفكير وبشكل روتيني وهي: ما الهدف من تفكيري؟ ما السؤال الدّقيق الذي أحاول الإجابة عنه؟ ما وجهة النظر التي أفكّر من خلالها؟ ما المعلومات التي أستخدمها؟ كيف أفسِّر تلك المعلومات؟ ما الأفكار أو المفاهيم الرئيسة في تفكيري؟ ما النتائج التي توصلت إليها؟ ما المسلمات التي اعتبرتها؟ وما الافتراضات التي وضعتها؟ وما العواقب التي قد تحدث إذا أدخلت تفكيري حيّز التنفيذ؟ وفي كل عنصر مما سبق، على الطالب أن يكون قادرًا على اعتبار المعايير التي تسلّط الضوء على فعاليّة تفكيره.

كما أن التفكير النقدي يقوّم ويختبر ويحسّن نفسه ذاتيًّا، بشكل روتيني، إذ يؤدي الطالب عدة خطوات لتقويم مختلف أبعاد تفكيره باستخدام طريقة فكريّة مناسبة، ومن المهم إدراك أنّه أن لم يقوّم الطلاب تفكيرهم الخاصّ بهم، فإنّهم لا يفكّرون تفكيرًا ناقدًا.

والتفكير النقدي يتسم بالنزاهة في كامل نظامه، فالطالب لا يكون قادرًا على اختبار تفكيره ككلّ فحسب، بل يكون قادرًا على أن يتناوله مجزّأً، ويتأمّل في الأجزاء المختلفة، وإضافة إلى ذلك لا بدّ للطالب من الالتزام بالتفكير ضمن منظومة متداخلة من سمات العقل، فعلى سبيل المثال على الطالب أن يكون متواضعًا ومثابرًا وجريئًا ومنصفًا وعادلا فكريًّا، ومدركاً للسبل التي قد تشوه تفكيره وتجعله مضلّلاً متحيّزًا سطحيًّا غير عادل، ومعيبًا، فالمفكّر يسعى للكمال والنّزاهة كقيم أساسية.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA