الصورة والسمعة ..والمسؤولية الاجتماعية

زاوية: آفاق أكاديمية

تسعى العديد من الشركات والمنشآت -حكومية وغيرها- اليوم لتعزيز صورتها الذهنية وسمعتها المؤسسية من خلال تبني ودعم مشاريع خيرية وقضايا اجتماعية، وقد كان لشركة «أميركان إكسبريس» العالمية قصب السبق في هذا المجال عندما أطلقت أول حملة اتصال تسويقي للسمعة المؤسسية في بدايات الثمانينات الميلادية من القرن الماضي، مدشنة بذلك مفاهيم تسويقية جديدة لتعزيز استخدام بطاقاتها وقبول محلات التجزئة بها.

وتمثلت تلك الحملة في أن تقوم الشركة بالتبرع لجهات خيرية مع كل عملية شراء يقوم بها عملاء «أميركان إكسبريس»، بدأت هذه الممارسة التسويقية في سان فرانسيسكو، ونظراً للنجاح الذي صادف الحملة قررت الشركة تعميمها على مستوى أمريكا بالشراكة مع جمعية الوقف الأمريكي، وحصلت شركة «أميركان إكسبريس» على حقوق الفكرة تحت مسمى «CRM».

ونظراً للنجاح الذي حققته حملات «CRM» فإن شركة «أميركان إكسبريس» دعمت 45 مؤسسة وبرنامجاً خيرياً خلال الفترة «1981 - 1984م» وسجل هذا البرنامج عام 1983م تحت اسم «CRM».

يقوم برنامج «CRM» على ربط عملية شراء وحصول الزبون على منتج بدعم «قضية اجتماعية» دون منافع خاصة بالشركة صاحبة المنتج، ويتلخص المطلوب من العميل الراغب في مساندة قضية ما في مساهمة محدودة في كل عملية شراء يقوم بها.

تتناول «CRM» التسويق والتقنيات والاستراتيجيات لدعم قضايا تستحق الاهتمام وفي نفس الوقت تسهم في بناء ونمو الأعمال التجارية، وتعرف في حقل الأعمال بأنها أنشطة تجارية يتشارك فيها الجانبان التجاري والخيري ليشكلا شراكة بينهما لتسويق الصورة الذهنية، وكذلك المنتج أو الخدمة بشكل يحقق منفعة الطرفين.

وتتمثل المنفعة المتحققة للمنشأة في تعزيز صورتها من خلال ربط المنتج أو الخدمة بهدف خيري نبيل وفي نفس الوقت يتم جمع الأموال لصالح العمل الخيري المستهدف بما يعزز السمعة والقيم والولاء لدى العميل.

كما أن بناء العلامة التجارية وبناء السمعة المؤسسية يقوم على تقديم الجودة والخدمة طوال الوقت ولكن أن يتسع مفهوم الجودة ليشمل قيم وروح المنشأة.

ويقول علماء الاتصال إنه بعد تعرض العميل لحملات «CRM» سيكون أقل حساسية تجاه اختلافات سعر وصفات المنتج، إضافة إلى أن رغبته في دعم القضية سيكون عنصراً حاسماً في اختيار وشراء واقتناء المنتج خاصة عندما تتساوى جودة المنتج مع المنتجات المماثلة والمنافسة.

وقد أكدت دراسة «Cone Comminication - 2011» أنه في حالة تكافؤ المنتج مع المنتجات المنافسة فإن 93٪ من الأمهات و85٪ من شباب الألفية الثانية أقرب إلى اختيار المنتج المرتبط بدعم قضية اجتماعية منه إلى المنتجات المنافسة.

وتعزز حملات «CRM» إدراك العميل لمصداقية سمعة المنشأة وفي نفس الوقت فإنه قد يكون لحملات «CRM» آثار عكسية غير مقصودة كما تذكر دراسة «Dahal 2000»، فالعميل قد يشكك في نزاهة الشركة الراعية للقضية مما يؤثر على تصوره لمصداقيتها.

السمعة تقوم على الفوائد التي تقدمها الشركة أو المنشأة أو المنتج أو الخدمة والجاذبية والإدراك الذي يحمله أصحاب العلاقة نحو المنشأة، ولا تقل أهمية أن السمعة المؤسسية تقوم على التقدير الذي يحمله أصحاب العلاقة بالمنشأة للقيم والرؤية التي قامت عليها، وكذلك ممارسة أو مسؤولية المنشأة في كل الأسواق التي تنشط فيها.

باختصار، يلعب مفهوم «CRM» دوراً فعالاً في بناء الفهم والاتصال للمسؤولية الاجتماعية يتمثل في الإسهام في بناء العلاقة وإحياء وإبراز القيم المؤسسية وتحويل القيم المؤسسية والمسؤولية المجتمعية المؤسسية والاستثمار المؤسسي في المجتمع إلى شيء ملموس.

ولكن السؤال: من يهتم بذلك؟

makinzyadel@ksu.edu.sa

د.عادل المكينزي

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA