الشباب والبطالة

زاوية: شبابنا

تُعرّف منظمة العمل الدولية العاطل بأنه «كل من هو قادر على العمل، ويرغب فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند الأجر السائد، ولكن دون جدوى».

من خلال هذا التعريف يتضح أنه ليس كل من لا يعمل عاطل، فالطلاب والمعاقون والمسنون والمتقاعدون ومن فقد الأمل في العثور على عمل وأصحاب العمل المؤقت ومن هم في غنى عن العمل، لا يتم اعتبارهم عاطلين عن العمل.

كما لا تُعد البطالة مشكلة ذاتية تتعلق بالفرد العاطل فقط، بل إنها مشكلة معقدة ومتعددة الأطراف من حيث التأثر والتأثير، إذ تتأثر البطالة بسياسات وأنظمة الدولة ذات العلاقة بالتعليم والعمل، وبالقيم الاجتماعية السائدة في المجتمع.

أما من حيث التأثير فإن حالة التعطل تمتد إلى التأثير على البناء الاجتماعي والمتمثل بالجوانب الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والصحية، إذ تتسبب بإحداث اضطرابات نفسية «مع الذات»، وقيمية «مع المجتمع» عند الفرد، وتؤدي في حالة انتشارها وارتفاع معدلاتها في المجتمع إلى ميل واستعداد ذاتي لارتكاب واقتراف مظاهر سلوكية مخالفة للأنظمة والقوانين.

خذ على سبيل المثال: جرائم السرقة والسطو والنشل وتعاطي المخدرات وإدمان الخمور والتسول والهجرة غير الشرعية والاغتصاب والعنف والإرهاب وغيرها، ولا شك أن حالة البطالة التي يعاني منها الشباب السعودي اليوم، قد تؤدي إلى التوتر الذي يُعد بداية فقدان الشاب لتوازنه النفسي والاجتماعي والجسدي، إذ تشير آخر إحصاءات الهيئة العامة للإحصاء بالمملكة العربية السعودية إلى أن معدل البطالة بين الشباب في الفئة العمرية ما بين «20 – 24» عاماً تراوحت ما بين «9.78٪» إلى (11.82٪». وهذا مؤشر خطير يحتاج إلى إعادة النظر في كثير من السياسات والخطط والبرامج الموجه إلى الشباب.

إن أسوأ أنواع البطالة التي تواجه الشباب اليوم وأكثرها حدة هي البطالة المقنعة، والتي تعرف بأنها مقدار قوة العمل التي لا تعمل بشكل فعلي في النشاط المنتج، ولها ثلاث صور، وهي:

- شباب دخلوا مجالات عملهم غير راغبين بها، بل مجبرين وذلك بسبب ضيق مساحة الاختيار أمامهم، خصوصاً في ظل سياسة معدلات القبول الجامعي، والنظرة الاجتماعية السلبية لبعض الاختصاصات الأكاديمية.

- شباب أجبروا على القيام بأعمال ليست من اختصاصهم لعدم وجود حاجة لاختصاصاتهم.

- شباب دخلوا ميدان أعمال تتوافق مع اختصاصاتهم، لكنهم لا يقومون بأعمالهم على أكمل وجه، والسبب هو ضغف التأهيل لسوق العمل. 

وأخيراً، هذا هو الواقع المُر الذي نلمسه ونشاهده في حياتنا اليومية مع الأسف، ظاهرة غريبة عجيبة، تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة مع ارتفاع معدلات استقدام الأيدي العاملة الأجنبية في كثير من الجهات الحكومية والخاصة.

الظاهرة خطيرة وتحتاج إلى استشعار المسؤولية الاجتماعية من قبل جميع المؤسسات العامة والخاصة المعنية بتعليم وتأهيل وتوظيف الشباب، ومعرفة خصائصهم المهنية، وذلك بتطبيق اختبارات لقياس استعداداتهم المهنية ومساعدتهم على ما يناسبهم من وظائف، ومعرفة خصائص المجتمع في الجزيرة العربية بأنه مجتمع تجاري منذ القدم، وليس مجتمعاً صناعياً ولا زراعياً في الغالب، وإلى اللقاء.

د. علي بن أحمد السالم

المدينة الطبية الجامعية

alisalem@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA