الرؤية الإسلامية للتعامل مع الحياة الدنيا وزينتها

 فكر خارج الصندوق:
يعتبرها البعض من أصعب المعادلات

كلما زادت معرفتنا بسنن الله تعالى في الخلق، وتحسنت بصيرتنا في فهم طبائع البشر والأشياء؛ أدركنا على نحو أعمق أننا في حركتنا واختياراتنا ومواقفنا محكومون بالكثير من السنن والكثير من المعادلات الصعبة، وحين نُحرم من التأمل نجد أنفسنا منطلقين في خططنا ورغباتنا دون حذر ولا استعداد لمعرفة الثمن الذي علينا أن ندفعه حين نتجه إلى اختيار وضعية من الوضعيات.

الناس دون استثناء يميلون إلى سعة العيش والرفاهية والدعة، ومن خلال وفرة الأشياء بين أيديهم يشعرون بالأمان من الفقر والعوز، وبالقدرة على بلوغ الرغبات والتمتع بالمرفهات والمشتهيات، لكنهم يغفلون في العادة عن السنة التي تحكم حياة المرفهين، وهي التعرض للإصابة بداء الترهل والكسل، وضعف روح المقاومة، والوقوع في أَسْر الكماليات.

إنك لا تستطيع أن تستمتع بالأشياء دون الشعور بالضعف أمام سلطانها، والنظر إليها على أنها قد تحوّلت من أشياء ثانوية إلى أشياء أساسية يصعب الاستغناء عنها، والنفوذ المتزايد للمرأة في الحياة الأسرية والحياة العامة نابع من هذه المعادلة؛ فالمرأة بالنسبة إلى الرجل مصدر أمن واطمئنان وترفيه، وهي تنظر إلى الرجل على أنه أيضًا مصدر أمن وترفيه، لذلك فإن الرجل لا يستطيع أن يترفّه بها دون أن يرفّهها، ومن جملة ترفيهها الانصياع لها، والسعي في تحقيق رغباتها.

حين يختار الإنسان حياة الزهد والتقشف والتقلل من متاع الدنيا، فإنه يكون في الحقيقة منسجمًا مع الرؤية الإسلامية في التعامل مع الحياة الدنيا وزينتها على أنها أشبه بالمناظر الجميلة التي يراها المسافر في طريقه، لكنه يتجاوزها قاصدًا وجهته التي أنشأ سفره من أجل بلوغها، لكن هذا الاختيار على ما فيه من رشد، له ثمن يجب دفعه عن طيب خاطر.

الفقير يواجه مشكلات مغايرة للمشكلات التي يواجهها الموسر، لكن ربما كانت أشد، فالفقير المقلّ، لا يستطيع وصل أرحامه وجيرانه وأصدقائه بالمال؛ لأنه لا يملكه، وهذا ما يجعله -في الغالب- موضعًا لإشفاق الناس، ومصرفًا من مصارف الزكاة، وهي -كما ورد- أوساخ الناس، لذلك لم يكن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا لآله قبولها.

والفقير مع هذا قد يُصاب بداء الحسد والتطلع لما في أيدي الناس، وقد يدفعه الفقر إلى قبول الرشوة بحجة ضرورات العيش وإلحاح مطالب الحياة، ويجد نفسه -في أحيان كثيرة- مدفوعًا إلى وقوف مواقف لا يرتضيها لنفسه، لكنه لا يستطيع فعل شيء بسبب ضعف إمكاناته، وإعفاف الفقير لأسرته والحصول على شعور أولاده بالرضا عن وضعهم العام، لا يكون في العادة جيدًا على ما هو معروف وملاحظ، لكنه رغم ذلك مسؤول، ومطالب بالصبر وحسن الطلب.

 

د. عبدالكريم بكار - بتصرف

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA