تحدث علماء الاتصال عن أهمية البيئة الاتصالية وتأثيرها على القائم بالاتصال وضرورة أن يأخذ أحدنا باعتباره وهو يتواصل مع الآخر عوامل تؤدي إلى تشويش الرسالة وهو ما أسموه بالتشويش البيئي «Enviromental Noise»، حيث تتدخل البيئة الاتصالية بشكل ما في استكمال عملية الاتصال ونجاحها أو عدم تحقيق أهدافها.
وحيث إن الإنسان «كائن اتصالي»، فكثيراً ما يحدث تشويش في المواقف الاتصالية، لذا أولى الباحثون اهتماماً لتشريح ظاهرة الاتصال.. والتشويش –حسب علماء الاتصال- هو أي تداخل داخلي أو خارجي في عملية الاتصال، مثل تأثير العوامل البيئية أو الإعاقة الحسية أو بسبب الإرباك في تنظيم الأفكار وعرض المعلومات أو بسبب المشكلات النفسية التي تسبب ضغطاً أو قلقاً يؤثر في إرسال أو استقبال الرسائل الاتصالية.
لهذا أوصى عالم الاتصال «بركو» على ضرورة معالجة «التشويش» مثل إعطاء فرصة لرجع الصدى أو ردود الأفعال للتأكد من وصول الرسالة واستيعابها من الطرف الآخر، أو تحديد المصطلحات التي قد يساء فهمها أو إعادة نفس الكلمات، أو تغييرها.
ويتوقف نجاح المواقف الاتصالية في حياتنا على عدد من العناصر، ولعل أهم عنصر ينبغي التنبه إليه هو المهارات الاتصالية، أي مهارات الكتابة والتحدث، فضلاً عن مهارات القراءة والاستماع.
ويعتبر اتجاه الإنسان نحو نفسه مؤثراً في الموقف الاتصالي، فاتجاه المرء تجاه نفسه إذا كان سلبياً يؤثر على الاتصال مع الآخر، فعدم تقدير الذات تؤدي إلى فقدان الفرد ثقته بنفسه، وهو ما ينعكس على تواصله من خلال رسالة ضعيفة مرتبكة، ويضعف بالتالي تأثرها، والاتجاه لا ينحصر على الذات، بل أيضا نحو الموضوع، فإذا كان إيجابيًا ويمثل قناعة ذاتية فإنه ينعكس بأداء يتسم بالحيوية والقوة والإقناع.
ولعل –القارئ الكريم- يتذكر المواقف الاتصالية الرائعة في السيرة العطرة لقدوتنا وقائدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم «لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخر».. فهو يقدم النموذج في التعامل مع الأشخاص والمواقف والأحداث
المختلفة متبعًا التوجيه الرباني «ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحسن»، كيف لا؟ وهو يؤسس لأمته مبادئ ومعالم في التواصل الأمثل مع الآخر ليحملوا الرسالة الخالدة ويوصلوا الحق للناس.
د.عادل المكينزي
إضافة تعليق جديد