معرض الرياض للكتاب.. نهضة فكرية

فكرة عرض الأدب داخل أسواق العرب جنباً إلى جنب مع سلع وحاجيات الإنسان الضرورية، ليست جديدة بل قديمة قدم التاريخ، فقد كان للأدب تقدير كبير، فنبض في عروق الأقلام وحظي بوافر الاهتمام من جميع فئات المجتمع، وتدرج الاهتمام ونما حتى نشاهده الآن عياناً بياناً بمعارض الكتاب الدولية التي تقام بكل البلدان.

في معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي اختتمت فعالياته أمس السبت، تقاسمت دور النشر عرض الكثير من المطبوعات والمؤلفات التي تحمل الفكر العلمي والأدبي بشتى الفنون والمجالات، وشاهدنا على أغلفة الكتب أسماء عريقة وبجانبها أسماء وليدة؛ وما ذاك إلا دليل على  استمرارية النبض داخل المحابر وبعروق الأقلام.

وليس جديداً على الفرد السعودي تمدده في رحاب الفكر والتأليف، ولكن ما نشهده بمعرض الرياض الدولي للكتاب كل عام، هو نتاج الوعي بأهمية الثقافة والقراءة وتبني الأفكار وخروجها كمشاريع مكتوبة أو منجزة، فنلاحظ مشروع «القارئ الصغير» ومشروع «توصيل الكتب لباب الدار» وخدمة «طباعة الكتب الفورية» وإخراج الفسح الإعلامي بشكل مباشر لأصحاب الأفكار والمؤلفات الذين لم تتوافر لهم دور نشر، وهذه خدمة عظيمة تقدمها وزارة الثقافة والإعلام، ومحفز كبير لأصحاب الأقلام أن لا يخبئوا أوراق فكرهم بأدراج الصعوبات.

وبلمحة سريعة نلاحظ وفرة التأليف بكل المجالات تقريباً، وبنظرة بعيدة نحو أفق المستقبل نجد أن المكتبة السعودية -بإذن الله- قد تضخمت بالعلوم والإنتاجات الأدبية والعلمية مما يساعدنا على تقبل فكرة رؤية 2030، حيث إن أفضل وأقوى طاقة على وجه الأرض هي طاقة العقول المفكرة المنتجة، فهي النواة الأولى لكل تطور ونجاح.

وأحتفي أنا بهذه الكرامة التي تفضل الله بها على بعض عباده أن يكونوا 

أدباء، لأسجل ميلاد كتابي الثالث «استيقظوا فالحياة لا تنام» تزامناً مع معرض الكتاب الدولي بالرياض، وهو في صلبه سيرة ذاتية ولكنها ليست لي أنا  أو لأحد الأعلام بل هي للعَلم الأجل الذي نندرج تحته كلنا نحن بنو الإنسان «العمر»، حيث تأتي هذه السيرة على هيئة «عشرات» تتمايز فيما بينها وتتفاضل، فعشر الطفولة تنعم بروح الفكر والانطلاق المحدود عند عشر الثلاثين، وعشر العشرين تتناغم مع عشر الثلاثين، وتسود الهيبة عند عشر الخمسين وهي تسند ظهرها على عشر الأربعين، وقبل تلك العشرات أدوات للعمر تجدون تفاصيلها داخل دفتي الكتاب ويعقبها رؤى مصورة لأنفاس آخر العمر.

والأفكار سلسلة لا تنقطع تستمر مع أول نفس للإنسان، وهكذا هو قلم الأديب يأتي مستمراً فيعد كتابي «قهوة وفكر وأشياء أخرى» النفس الفكري الأول، حيث كانت القهوة الملهم الأبرز فجاءت الخواطر منكهة بكافيين الوعي والاستبصار، وجاء كتاب «عند الاعتذار نختلف» النفس الفكري الثاني الذي ناقشت فيه بعض الخواطر التي تنظر لحال النفس وحال الآخر، وكل ذاك في قالب تأملي يصطحب معه أسئلة تبدأ دون أن تنتهي، وختاماً كل الرجاء أن تحمل أرفف المكتبات كتبي بفخر وتقدير أنني ابنة هذه البلاد ومعين فكري كان من مدارس سعودية.

أ. نهلاء البنيان

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA