د. باهمام: أدعو وزارة الإسكان لإقامة مركز وطني لبحوث الإسكان ودراساته تحتضنه الجامعة

حصل على جائزة المؤتمر العلمي الرابع للإسكان 1438
تقدمت لوحدة الابتكار بمقترح مشروع «مسكن سعودي» يراعي متطلبات الأسرة السعودية
يتوافق المشروع المقترح مع متوسط المقدرة المالية للأسر ويحقق متطلبات التيسير والاستدامة

حوار: م. علي محمد عجلان

حقق أ. د. علي بن سالم بن عمر باهمام، أستاذ العمارة والإسكان بقسم العمارة وعلوم البناء بكلية العمارة والتخطيط، الجائزة الثانية مشاركة لأفضل البحوث في مؤتمر الإسكان العربي الرابع، مؤخراً، وسبق له تحقيق العديد من الجوائز المحلية والعالمية في مجال الإسكان والتخطيط، وله العديد من المؤلفات والبحوث التي تخدم عملية التخطيط المستدام وإنشاء المساكن الميسرة، يرى أن وزارة الإسكان تعمل مشكورة على عدد من المبادرات التي تساهم في تنظيم سوق الإسكان وتطويره، لكن مما يؤخذ على هذه الجهود أنها بعيدة عن الدراسات البحثية التي تختبر تأثيرها ونتائجها بشكل علمي على المدى القريب والمتوسط والبعيد؛ وأوصى بأن تتبنى وزارة الإسكان إقامة مركز وطني لبحوث الإسكان ودراساته بالتعاون مع الجامعات السعودية، وأن تحتضنه جامعة الملك سعود.

- بداية ماذا يعني لكم الفوز بالجائزة الثانية (مشاركة) لأفضل البحوث في مؤتمر الإسكان العربي الرابع؟

أحمد الله وأشكره على توفيقه للفوز بهذه الجائزة مشاركة مع زميلي المهندس فهد شلبي، والشكر بعد ذلك لجامعة الملك سعود ممثلة في كلية العمارة والتخطيط لما تقدمه لنا من دعم وتشجيع، أما الفوز بهذه الجائزة وبأمثالها من الجوائز، فإنه يعد من المحفزات التي تعطي الباحثين دفعة وطاقة إيجابية تقودهم إلى إنجاز المزيد من الأعمال البحثية الموجهة لخدمة المجتمع.

- ما فكرة البحث الذي قُدم للمؤتمر وما أهم النقاط البحثية التي ناقشها، وأبرز الحلول والتوصيات التي توصلتم إليها في نهايته؟

كما هو معروف فإن غالبية مؤسسات الإسكان الخيري والتنموي في المملكة العربية السعودية تحصل على الهبات والتبرعات لتوفير المساكن للأسر الأشد حاجة وتقديمها لهم بالمجان، ولكنها غالباً ما تواجه صعوبة في تشغيلها وصيانتها والحفاظ عليها في حالة نقص الهبات والتبرعات، وتعجز أيضاً عن إنشاء مساكن جديدة، وقد جاء ضمن أهداف (رؤية المملكة 2030) العمل على تفعيل دور القطاع غير الربحي؛ ومن هذا المنطلق عملنا في هذا البحث على تقديم نموذج يمكّن مؤسسات الإسكان الخيري في المملكة العربية السعودية من تقديم مساكن بالمجان للأسر الأشد حاجة (بهدف تمكين المؤسسات من أداء دورها الخيري) وتقديم مساكن بسعر التكلفة للأسر ذات الدخل المنخفض (بهدف تمكين نسبة من الأسر من الحصول على المسكن الملائم ضمن مقدرتهم المالية)، ومساكن بسعر السوق للأسر المقتدرة (بهدف الحصول على مصدر دخل مستمر، يضمن للمؤسسات استدامة توفير مساكن جديدة، والتمكن من تشغيل المساكن القائمة وصيانتها)، بالإضافة إلى ضمان إيجاد خليط اجتماعي اقتصادي من الأسر المستفيدة في المشاريع لتجنيب سكانها وصمة الفقر السلبية، وقد توصلت نتائج البحث إلى أن تبني هذا البديل أيضاً من قبل القطاع الخاص في حال ما حصل على الدعم الحكومي وقدمت له بعض التسهيلات، وبالتعاون مع القطاع غير الربحي، فإنه سوف يسهم بشكل فعال في توفير نسبة من المساكن لذوي الدخل المنخفض ضمن ما يعرف «بالإسكان الهجين».

- هل تعبر الجائزة عن اهتمام وزارة الإسكان ومسؤوليتها تجاه المجتمع؟

مما لا شك فيه أن عناية المؤسسات الحكومية ومن ضمنها وزارة الإسكان بإقامة المؤتمرات العلمية، لتمكين الباحثين من تقديم إنتاجهم العلمي، ومناقشة المواضيع التي تهم المجتمع، والعمل على تقديم الحلول العلمية للمشاكل القائمة أو المتوقعة، وتقديم جوائز تشجيعية للباحثين؛ يعد من الأمور الإيجابية التي تذكر فتشكر، ولكن الأهم من ذلك هو العمل على الاستفادة من نتائج البحوث والدراسات، ووضعها موضع التطبيق، والعمل قبل ذلك على بناء جسور التواصل مع الجامعات والمراكز البحثية، بصفتها خزانات للفكر، من خلال تطوير مستوى أعلى من التعاون للاستفادة من الإمكانيات العلمية والبحثية المتوفرة لدى أعضاء هيئة التدريس وطلاب الدارسات العليا القادرين على تقديم المعالجات والحلول المناسبة بأسلوب علمي للكثير من المشاكل التي تواجه المجتمع ومؤسساته.

- كيف يمكن لوزارة الإسكان – من وجهة نظركم-  أن تستثمر وتشحذ الطاقات الإبداعية للباحثين في مجال الإسكان بما يجعل من تلك الطاقات شركاء في التنمية المجتمعية للمملكة؟

كما سبق وذكرت لك بأن الجامعات هي خزانات الفكر، وتمتلك جيع المقومات للمشاركة في تنمية المجتمع والدفع به إلى الأمام من خلال تقديم البحوث والدراسات العلمية المتخصصة، لأن الأنشطة البحثية بجانبيها النظري والتطبيقي تفتح الآفاق لمعرفة كل ما هو مجهول أو مخفي، وتدفع أيضاً بالمعارف والخبرات إلى الأمام، فهي الأسلوب الأمثل لمعالجة المشاكل القائمة، وتجنب المشاكل المتوقعة، كما أنها ترسم طريق المستقبل، وتنعكس نتائج البحوث والدراسات وبالذات التطبيقية منها بشكل مباشر على جودة الحياة للمواطنين وترفع مستواهم المعيشي، وتساهم في تمكينهم من الحصول على جميع احتياجاتهم الأساسية في مختلف مناحي الحياة حسب المتغيرات التي يمر بها المجتمع. كما أن نتائج البحوث والدراسات تمكن المسؤول من اتخاذ القرارات السليمة؛ لأن اتخاذ القرارات في غياب المعلومات والبيانات الدقيقة وتحليلها يعد نوعاً من أنواع المقامرة بالموارد الوطنية وهدرها، فنتائج الأنشطة البحثية تمكن المسؤول من ترشيد الصرف وتوجيهه إلى القنوات الصحيحة.

- من واقع خبرتكم في مجال الإسكان الميسر، ما الإجراءات التي تساعد وتسهل وتسرع من امتلاك أفراد المجتمع للمسكن الملائم والمناسب؟

عملت وزارة الإسكان وتعمل على عدد من المبادرات التي تساهم في تنظيم سوق الإسكان وتطويره، ويتوقع أن تكون لها تأثيرات إيجابية، ولكن مما يؤخذ على هذه الجهود أنها بعيدة عن الدراسات البحثية التي تختبر تأثيرها ونتائجها بشكل علمي على المدى القريب والمتوسط والبعيد؛ لذا فإن وزارة الإسكان في حاجة إلى ذراع بحثي متخصص يساعدها في إنجاز الكثير من الأبحاث التطبيقية في مجال الإسكان، وإحداث نقلة نوعية من خلال تقديم (على سبيل المثال) نماذج إسكانية متميزة بتصميمها العمراني والمعماري المنسجم مع البيئة المحيطة، والمتوافق مع متطلبات السكان الاجتماعية والاقتصادية، واستحداث تقنيات بناء جديدة تعمل على رفع جودة الأحياء والمساكن، وتسريع عملية التنفيذ، وتخفيض تكلفة تنفيذها وتشغيلها وصيانتها، وتمكينها من بناء تجمعات سكنية صحية ومستدامة، تحد من التلوث، وتستفيد من الطاقة المتجددة، وتخفض استهلاك الطاقة الكهربائية والمياه، وأوصي بأن تتبنى وزارة الإسكان إقامة مركز وطني لبحوث الإسكان ودراساته بالتعاون مع الجامعات السعودية، وأتمنى أن تحتضنه جامعة الملك سعود.

- تحتضن كلية العمارة والتخطيط عقولاً شابة، ما الذي يمكن عمله لمد آفاق الإبداع والابتكار لديهم وإشراكهم في الشأن الإسكاني؟

الكلية ولله الحمد تحتضن نخبة من أفضل طلاب جامعة الملك سعود في مرحلة البكالوريوس والدراسات العليا، وأتمنى أن يجد موضوع الإسكان اهتماماً أكبر لدى أعضاء هيئة التدريس وطلاب الدراسات العليا في دراساتهم البحثية، كما يمكنهم أيضاً المشاركة مع طلاب البكالوريوس من خلال وحدة الابتكار التي استحدثت مؤخراً في الكلية، وقد سعدت بإنشاء هذه الوحدة وسارعت بتقديم مقترح مشروع ابتكار لسعادة الدكتور المشرف على الوحدة بمسمى «مسكن جامعة الملك سعود» يهدف المقترح إلى ابتكار مسكن سعودي يراعي متطلبات الأسرة السعودية الاجتماعية والثقافية، ويتوافق مع متوسط المقدرة المالية للأسر، ويحقق متطلبات التيسير والاستدامة، من خلال تقديم تصميم معماري لمسكن مستقل وميسر بأسلوب المساكن المفتوحة، يلائم المناطق الحضرية، ويتسم بالمرونة، بالإضافة إلى الاختيار من أنظمة بناء المساكن المصنعة، بمفهوم الإنتاج بالجملة حسب الطلب التي تحقق الجودة وخفض التكلفة وسرعة التنفيذ، والعمل على تطويرها بما يتوافق مع المواد والتقنيات المتوفرة محلياً، مع اعتماد مبدأ «الإنشاء المضمر» في تصميم مركبات المسكن وتنفيذها، وابتكار المكونات المعيارية للتنفيذ، وتطوير وابتكار أدوات الاستدامة المستخدمة فيه؛ على أن يشارك في مشروع ابتكار «مسكن جامعة الملك سعود» عدد من الفرق بإشراف عضو من أعضاء هيئة التدريس لكل فريق وبمشاركة طلاب من جميع المراحل.

- كلمة أخيرة يود سعادتكم إضافتها؟

أود أن أشكرك مهندس علي، وأشكر رسالة الجامعة على هذه الاستضافة، مع دعواتي للجميع بالتوفيق.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA