المتفوقون والموهوبون ومهارة حل المشكلات

تعتبر استراتيجية حل المشكلات من أهم الاستراتيجيات التي يمكن أن يتعلمها ويستخدمها ويتدرب عليها كل من المتفوق أو الموهوب أو المبدع، تلك الفئة من الطلاب المتميزة بالعقل المتفتح والمتوقد والمتحفز لمعرفة كل جديد في العلم والتكنولوجيا والمجتمع ومشكلاته والشغوف لحل هذه المشكلات، تلك الفئة التي تملك نسبة ذكاء تتعدى 130 درجة في مقياس الذكاء، تلك الفئة التي تحملها الكثير من الدول مهام التطوير والاختراع والابتكار والإبداع، فهم الثروة البشرية الأغلى من الذهب والألماس، وقد كنا قريبا نقارن ثروات الدول بما تمتلكه من هذين المعدنين، أما اليوم فالمقارنة تتم بما تمتلكة من أعداد الموهوبين والمبدعين لديها.

غير أنه وللأسف كان لدى مجتمعنا العربي مشكلة كبرى تمس الجميع وليس لمثل هذه الفئات فقط، وهي أننا في تعليمنا ومنذ صغرنا لم يعلمنا أحد أسلوب حل المشكلات سواء أكانت رياضية أم حياتية تواجهنا، كيف نتعامل مع المشكلة ونفهمها جيدا ونفرض الفروض ونختبر البدائل ونصل للحل الأمثل ثم نعممه ونتأكد منه، وللأسف يظل الطالب بعد أن يصبح منتجا تعليميا يحمل هذه المهارة المندثرة، يتعامل كثيرا مع حل المشكلة التي تواجهه بأسلوب المحاولة والخطأ في حياته ومستقبله.

إن أهمية تدريب الطلاب العاديين على تنمية مهارة حل المشكلات الحياتية أو الدراسية تعتبر أساسية وحتمية، فما بالنا بالمتفوقين والموهوبين، وهم الذين لديهم رغبة في تحدي المستقبل وتطويره واستغلاله الاستغلال الأمثل، وحل مشكلاته إما بالمخترعات الجديدة منهم، أو الابتكارات والإبداعات التكنولوجية المذهلة، أو وضع واقتراح أنسب الحلول لتلك المشكلات.

ومع أن أسلوب حل المشكلات قد تم اكتشافه عام 1979م على يد مؤسسه جورج بوليا، غير أن نظامنا التعليمي لم يحظ بالاهتمام الكافي به في تعليم المتفوقين والموهوبين، مع أن مشكلاتنا المعقدة والمتراكمة التي تواجهنا الآن مع تطور العلوم والتكنولوجيا الحديثة تحتاج منا التركيز على تنمية هذه المهارة، مهارة حل المشكلات.

إننا كثيرا ما نجد طلاباً داخل السنة الأولى المشتركة كثيري الشكوى من مشكلات دراسية يواجهونها تتعلق بترتيب الجدول الزمني أو ساعات الاستذكاره أو ترتيب الأولويات في التعامل مع المقررات الدراسية «مذاكرة - واجبات – كويزات – اختبار نهائي»، ووضع خطة محكمة للأسلوب الأمثل لتنظيم الوقت والمذاكرت وإنجاز المشاريع المكلف بها داخل العمادة، ناهيك عن المشكلات ذات الطابع الأسري والتي لا يخلو منها مجتمع وكيفيه التعامل معها، واعتقادي أن هذا ناتج عن عدم تدريب الطالب على مهارة حل المشكلات الحياتية التي يواجهها.

لقد كانت المشاريع الطلابية للخدمة المجتمعية التي يكلف بها الطلاب بجامعة الملك سعود من أولى السلالم الصحيحة بالسنة الأولى المشتركة لهذا الاتجاه وانخراط الطالب في الناحية العملية والمشكلات التطبيقية داخل المجتمع الذي يعيش فيه.

إن أسلوب حل المشكلات وتنمية تلك المهارة ليس صعباً، وكما يقول العالم جورج بوليا، حيث إن حل المشكلة له أربع خطوات وهي: فهم المشكلة – التخطيط للحل والبحث عن الحلول الممكنة – اختبار الحلول واختيار أنسبها وتنفيذ الحل – التأكد من الحل وتوسيع نقاطه وتعميمه. 

ولأسلوب حل المشكلات العديد من الاستراتيجيات التي تستخدم لحل المشكلة أهمها: رسم تخطيطي للمشكلة – تبسيط المشكلة أو تجزيء المشكلة لمشكلات أبسط – التبرير المنطقي – استخدام صيغة أو قانون – خمن وافحص – العمل بطريقة عكسية.

والحقيقة أن مهارة حل المشكلات تستخدم لحل المشكلات الرياضية كما يمكن استخدامها في حل مشكلاتنا الحياتية، وفي اعتقادي أن أبناءنا الطلاب لم يتدربوا عليها بشكل كاف، ليجيدوا حل مشكلاتهم ويخدموا مجتمعهم وأمتهم بشكل أفضل ويواجهوا التحدي العلمي والتكنولوجي والاقتصادي والتنموي كمنتج تعليمي على أساس قوي ومتين.

وقد كانت الخطوة الثانية عندما قدم قسم العلوم الأساسية بالسنة الأولى المشتركة مبادرة بتنفيذ برنامج حل المشكلات الإثرائي لرعاية الطلاب المتفوقين والمبدعين في الرياضيات؛ مساهمة منه في تنمية هذه المهارة لدى هذه الفئة المتميزة من طلابنا؛ ليجيدوا حل مشكلاتهم ويخدموا مجتمعهم وأمتهم الإسلامية بشكل أفضل، ويواجهوا التحدي العلمي والتكنولوجي والاقتصادي والتنموي كمنتج تعليمي على أساس قوي ومتين قادر على حل مشكلاته.

د. هشام عبدالغفار 

رئيس لجنة رعاية المتفوقين والمبدعين بقسم العلوم الأساسية

عمادة السنة الأولى المشتركة

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA