علمتني الرياض

في قلب صحراء قاحلة على بقايا مدينة الحجر، تأسست مدينة الرياض وكانت وقتها مقصداً للتجار ولمن أراد وادياً ليستقي منه، وذلك لوجود الأسواق والأودية والروضات فيها، والتي كانت تعتبر من أهم مصادر الحياة في مكان يصعب فيه وجود مصادر للحياة، لذلك علمتني الرياض أنه إذا كانت فيك المميزات التي يندر ويصعب وجودها فستكون ذا أهمية ومصدر جذب للجميع.

وبعد أن سقطت الدولة السعودية الأولى التي كانت عاصمتها الدرعية، وبدأت الدولة السعودية الثانية على يد الإمام تركي بن عبدالله، اتخذ الرياض عاصمة له بدلاً من الدرعية، لأنها كانت قوية التحصين كثيرة المزارع، على الرغم من أن آباءه وأجداده من الدرعية وقصور آل سعود بالدرعية، وكانت الدرعية والرياض تتنافسان في القوة والتطور، وقد تفوقت الرياض على الدرعية في قوتها وثرواتها وأصبحت هي العاصمة، حتى لما بدأت الدولة السعودية الثالثة اختارها الملك عبدالعزيز عاصمةً لنفس السبب، فعلمتني الرياض أن تطوير النفس وتقويتها والطموح العالي والتنافس يوصلك إلى القمة.

في وقت كانت مدن العالم الكبرى مثل لندن وباريس ولوس أنجلوس وغيرها تتنافس في إقامة البُنى التحتية القوية والمباني الهندسية الإبداعية والأبراج الشاهقة، وقتها كانت مدن الخليج وأغلب المدن والعواصم العربية في حالة تطور متواضعة مقارنة بالمدن الأمريكية والأوروبية، إلا أنه في عام 2000م تم في الرياض تشييد ناطحة سحاب من أكبر وأروع الإبداعات الهندسية في العالم «برج الفيصلية» فضلاً عن وجود استاد الملك فهد الدولي الذي كان وقتها من أجمل وأفضل ملاعب العالم، إضافة إلى جامعة الملك سعود وكانت من ضمن أفضل 200 جامعة في العالم، بالإضافة لاحتوائها على مركز ثقافي «مركز الملك فهد الثقافي» ومركز تاريخي «مركز الملك عبدالعزيز التاريخي» على مستويات ومواصفات عالمية وراقية، وكذلك مطار الملك خالد الدولي الذي كان وقتها أكبر مطار بالعالم وغيرها الكثير من الإنجازات.

مع كل هذا كان ينظر البعض إلى الرياض بأنها مدينة عربية مثلها مثل غيرها من المدن الآخرى حتى بعد أن تم إنشاء أكبر مركز مالي بالعالم «مركز الملك عبدالله المالي» وإدخال موقع أثري بقائمة اليونسكو للتراث العالمي وهو موقع «الدرعية التاريخية» وغيرها العديد من الإنجازات ورغم ذلك ما زال البعض يراها مدينة ضعيفة ومتأخرة، إضافة لظهور بعض الرسائل السلبية والتذمر سواءً من سكانها أو نظرة العالم لها!

ولكن، هل تأثرت الرياض! هل استسلمت الرياض لهذه الرسائل والآراء السلبية! أبداً، بل مازالت تتقدم وتتطور، وها هي الآن تخطط لأكبر متحف إسلامي في العالم، وأفضل مترو في العالم، وأكبر منحدر ثلجي في العالم، وأكبر سوق مفتوح في العالم، وأكبر متحف مفتوح في العالم، وغيرها الكثير من المشاريع الجبارة، لكل ذلك علمتني الرياض أن لا أستمع للرسائل والنظرات المحبطة والسلبية، وأن أواصل في تطوير ذاتي والمحافظة على وصولي للقمة.

عبدالإله حمد الماجد

كلية الآثار والسياحة

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA