الجوانب الإيجابية لدى المراهق مسؤولية الأسرة والمجتمع

حسب خبراء تربويين وإعلاميين
د. المفدى: معظم تصرفات المراهقين خلفها رغبة بالاستقلال ورغبة في التعامل معه على أنه كبير
د. المكينزي: علينا التعرف على احتياجات المراهقين ورغباتهم وإشباعها بطريقة صحيحة ومناسبة

 

 

تحقيق : عبدالإله الشمراني - ناصر بن شايع - تركي بن هادي 

 

اكد مجموعة من الأكاديميين والمتخصصين التربويين والإعلاميين، مسؤولية الأسرة والمجتمع في تعزيز الجوانب الأخلاقية والمهارية الإيجابية لدى المراهقين ومعالجة الجوانب السلبية، داعين لتغيير النظرة السائدة لدى المجتمع عن المراهق بأنه صغير وغير أهل لتحمل المسؤولية، إلى نظرة احترام وتقدير وتحمل المسؤولية. كما أشاروا إلى نظرية «الحاجة والإشباع» ودعوا المؤسسات الإعلامية الجديدة والتقليدية للتعرف على واقع المراهقين واحتياجاتهم ورغباتهم وتطلعاتهم وهمومهم، وإشباعها بطريقة صحيحة ومناسبة. تصحيح النظرة في البداية أكد أ. د. عمر المفدى عضو هيئة التدريس بقسم علم النفس كلية التربية، على أهمية أن تكون نظرة الأسرة للمراهقة نظرة صحيحة، وهي أن المراهقة مرحلة طبيعية كبقية المراحل لها خصائصها ومشاكلها وبناءً عليه عدم النظرة للمراهقين بأنهم غير أهل لتحمل المسؤولية، داعياً لإعطاء المراهقين أدواراً مناسبة وتشجيعهم على تحمل المسؤولية ومشاركتهم في بعض القرارات الخاصة بالأسرة، لأن معظم تصرفات المراهقين يكون خلفها الرغبة بالاستقلال والرغبة في التعامل معه على أنه كبير. كما لفت إلى أهمية عدم تضخيم بعض التصرفات غير الملائمة التي قد تصدر أحياناً من بعض المراهقين، وعند حدوث مشكلات من بعض المراهقين، فالإجراء السليم النظر لهذا السلوك على أنه عرض وليس مرضاً، أي أن التركيز ينبغي أن يكون على البحث عن أسباب حدوث هذا السلوك وليس السلوك نفسه، كالطبيب الذي يتعامل مع ارتفاع حرارة المريض بالبحث عن الأسباب ولا يقتصر على علاج الحرارة فقط. الحاجة والإشباع من جانبه لفت د. عادل المكينزي عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام كلية الآداب، إلى نظرية «الحاجات والإشباعات» داعياً المؤسسات الإعلامية الجديدة والتقليدية للتعرف على واقع المراهقين واحتياجاتهم ورغباتهم وتطلعاتهم وهمومهم، وإشباعها بطريقة صحيحة ومناسبة. ودعا لمخاطبة الشباب بنفس لغتهم وأسلوب تفكيرهم إضافة لتنظيم دورات لتحسين أداء المراهقين، مشدداً على أهمية الالتزام بميثاق الشرف من خلال تزويد المراهقين بمواد إعلامية صحيحة تنفعهم وتنميهم وتغذي أفكارهم ولا تركز على ما يثيرهم، بل تركز على النماذج الإيجابية التي يقتدي بها المراهقون الآخرون حتى لا نقع في مشكلة السطحية في المواد الإعلامية. وقال: إننا في المملكة العربية السعودية نتحمل مسؤولية أكبر وعلينا عبء أكثر لأننا نمثل الحرمين الشريفين وهذه البلاد المباركة محط أنظار العالم، فعلينا تسليح شبابنا بالمهارات والقدرات لمواجهة المستقبل. قيم اجتماعية أما الدكتور عبدالله الجاسر، رئيس المركز الوطني لأبحاث الشباب، فأكد أن أسلوب تعامل الأسرة والمجتمع مع المراهقين تخضع للقيم الاجتماعية السائدة، وقال: تعتبر مرحلة المراهقة من أهم المراحل العمرية لدى الفرد، حيث إنها المرحلة الفاصلة بين عالم الطفولة وعالم الرجولة أو الأمومة، والتصنيفات العمرية للمراهقة تبدأ بمرحلة المراهقة الأولى الممتدة بين العمر 11-14 عاماً، ثم مرحلة المراهقة الوسطى الممتدة بين 14-18 عاماً، ومرحلة المراهقة المتأخرة الممتدة بين 18-21 عاماً. وأضاف: هنا يتبادر للذهن تساؤل مهم وهو هل كانت مرحلة المراهقة مصدراً للإزعاج لدى الآباء والأجداد؟ أم أنه أمر مستحدث؟ وفي معرض الإجابة عن هذا التساؤل أكد عدم وجود أي إشكاليات لدى الآباء والأجداد مع هذه المرحلة العمرية سابقاً، بل إنها كانت مرحلة فخر اجتماعي ومرحلة بوادر الإنتاج والمساعدة والمساندة للأسرة والمجتمع، بل إنها كانت مرحلة بداية تحمل العديد من المسؤوليات والواجبات الأسرية والمجتمعية على اختلاف طبيعة الأسرة إن كانت تعتمد على الزراعة أو تربية المواشي، أو التجارة أو الصناعة حيث تعطي الأسرة للأبناء بعض مسؤوليات الآباء، وتتم متابعتهم وإرشادهم بشكل مباشر إلى أن ينجزوا ما كلفوا به على أكمل وجه، الأمر الذي يجعلهم يشعرون بقيمتهم الاجتماعية بناءً على إنجازاتهم العملية، ويبدأون بمحاكاة عالم الكبار عبر النشاطات التنفيذية بكل جدارة، ويترافق مع المرحلة امتلاكهم للعديد من المهارات والكفايات الإنتاجية والشخصية والإدارية لشؤون حياتهم المرتبطة بشؤون تنظيم المجتمع بشكل عام. عوامل القوة وأضاف الدكتور الجاسر: تكمن عوامل قوة مرحلة المراهقة في خصائصها وسماتها، ومنها حب الاستطلاع والاستكشاف والمغامرة ومحاكاة الكبار والتجمعات الأسرية، وعليه كانت سابقاً في المجتمعات البدوية القروية أو المدنية تترافق مع هذه الفترة مرحلة التكليف بالمسؤوليات والسلطات التي من خلالها يتفاعل المراهق مع المجتمع بكافة مستوياته بطريقة منطقية تعتمد على المشاركة والإنجاز وإثبات الذات وتحقيق المكانة الاجتماعية بين الأقران وأفراد الأسرة بلعب الأدوار المنوطة بالمراهق على أكمل وجه؛ الأمر الذي يمهد وبطريقة سلسلة إلى دخول المراهق في مرحلة الرجولة دون أي مشاكل أو تحديات تذكر، وذلك راجع لتقديره لحجم المسؤوليات ولفهمه طبيعة الحراك المجتمعي والأسري الذي يؤهله لاحقاً إلى تكوين أسرة ناجحة. تفويض إيجابي وختم بالقول: بناء عليه، فالمجتمع الذي يحترم المراهق ويتعامل معه من مبدأ تحمل المسؤولية والتكليف والتفويض بطريقة إيجابية تقدر قيمته وتعلي من شأنه وتحترم إنجازاته، قطعاً هو المجتمع الذي يسعى إلى استثمار طاقات أبنائه وشبابه بشكل سليم وآمن، بعيداً عن النظرة السلبية والعدائية للمراهق وأفعاله، وذلك المجتمع الذي ينظر للمراهق على أنه مصدر إنجاز وتقدم وليس مصدر إزعاج وسلبية، هو المجتمع الذي نسعى إليه، وعليه يجب على مجتمعنا حالياً التعامل مع المراهق على أساس أنه ثروة يجب استثمارها بطريقة إيجابية ولا يتعامل معه على أنه متهم وسلبي وعليه أن يثبت عكس ذلك. تفكير ناقد وركز د. حسن منصور عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام كلية الآداب، على دور الإعلام في تنمية وتطوير وإبراز الجانب الإيجابي لدى المراهق؛ قائلاً: يمكن من خلال أساليب وأدوات التربية الإعلامية تحويل الجوانب السلبية في علاقة المراهقين بوسائل الإعلام إلى إيجابيات، فمثلاً لم يعد أسلوب المنع والحجب مجدياً في عصر الإعلام الجديد، وأصبح واجباً على الأب والأم الاقتراب من أبنائهما عن طريق الحوار والتعرض المشترك لوسائل الإعلام وتدريب الأبناء والبنات على التفكير الناقد والاختيار المفيد للضمان الإعلامي الذي يشبع لديهم احتياجات الترفيه والفائدة. تربية إعلامية ولفت إلى ظهور نوع جديد من التربية في العصر الرقمي تتمثل في التربية الإعلامية التي يتوجب على أولياء الأمور والمربين الالتفات لها بجدية، وتتمثل أهدافها في المساهمة بتجذير مفهوم التربية الإعلامية والرقمية في المجتمع بوصفه متطلباً اساسياً للتعامل مع القضايا المختلفة برؤية منطقية، وتنشئة جيل من الطلبة الشباب يمتلكون مهارات التفكير والتحليل النقدي الإيجابي ودفعهم لنشر ثقافة التربية الإعلامية والرقمية في المجتمع، إضافة لتعليم الطلبة مهارات إنتاج المحتوى الإعلامي الإيجابي والقدرة على تمييز المحتوى الضار في وسائل الإعلام الرقمية والتقليدية. كما تشمل أهداف التربية الإعلامية حسب الدكتور منصور توعية الطلبة بأهمية التعامل المنطقي والمدروس مع وسائل الإعلام لاسيما الإعلام الرقمي بوصفه ظاهرة العصر الحالي المميز، وتعليم الطلبة مهارات التعامل البسيطة مع مواقع التواصل الاجتماعي فيما يخص نشر ثقافة التربية الإعلامية، إضافة لتوعية الطلبة بأهمية التربية الإعلامية والرقمية في إنجاح نشاطات المجتمع المدني. إبداع وتميز المعلم محمد أحمد العاتي، وكيل متوسطة الإمام الطحاوي بالرياض، أدلى بدلوه في هذا الطرح الفكري، قائلاً: للمعلم دور حاسم في تنمية الجانب الإيجابي والقيم السلوكية في هذه المرحلة التي وصفها بمرحلة الإبداع والتميز، فهو الذي يتحمل مسؤولية تربية وتعليم الجيل ويقف كل يوم أمام طلابه يتلقون منه العلم والخلق والسلوك السوي. وأضاف: يجب على المعلم في هذا العصر توظيف المعرفة ومراعاة طبيعة طلابه وفروقهم الفردية واستخدام طرق تدريس حديثة ومتنوعة وتحفيز القدرات البحثية والابتكارية لكي ينمي الجانب الإيجابي وتعزيزه وصقل موهبة الابتكار والمهارات لدى طلاب المرحلة المتوسطة، مؤكداً أن المعلم البارع المبدع في عمله له تأثير قوي على طلابه، فهو من يحثهم على البحث وحب الاستطلاع والابتكار وتنمية المهارات وطرح الأسئلة المفتوحة التي تشجع على التفكير وحل المشكلة والاهتمام بالسلوك الوجداني للابتكار واكتشاف المواهب لدى الطلاب مرحلة المتوسطة. مطلب ملح وأشار العاتي إلى أهمية اعتماد المعلم على مجموعة من الطرائق والاستراتيجيات التي تلعب تحقق الأهداف التربوية في المرحلة المتوسطة وكشف المواهب والابتكارات وغرس قيم لم تكن موجودة لدى الطالب، بعكس المعلم الذي يكتفي بتزويد الطلبة بالمعلومات الجامدة، وهذا يجعلهم متلقين للأوامر والتعليمات غير قادرين على مواجهة المشكلات وحلها. وختم بالقول: لقد أصبح تعليم الطالب كيف يفكر أمراً مهماً ومطلباً ملحاً من المطالب التي يفرضها العصر الحاضر على التعليم، فالمعلم الذي له دور بارز في هذه المرحلة يتحمل عبئاً أكبر لأنه سيكون لاعباً مهماً في تنمية الجانب الإيجابي ورفع همم الطلاب وتدريبهم على المهارات التي تساعدهم على تحمل المسؤولية وحل المشاكل التي تواجههم.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA