مقومات النجاح والتميز العلمي

هناك العديد من القواعد والأساسيات التي تعين طالب العلم على تحقيق النجاح والتميز العلمي والتي يغفل عنها الكثير من الطلاب في بداية مشوارهم نحو العلم والمعرفة، وسوف أتطرق إلى أهم تلك الأساسيات المؤدية لذلك.

بداية عليك بتحديد الأهداف واختيار التخصص المناسب، فمن خلال تجربتي الشخصية ونقاشي مع الطلبة وجدت أن هناك العديد من الطلبة الذين اختاروا دراسة تخصصات لا تتناسب مع رغباتهم ولا قدراتهم الشخصية، وذلك لعدة أسباب منها إجبار الطالب على اختيار تخصص معين من قبل ولي أمره أو اختيار التخصص من قبل الطالب نفسه ولكن دون رغبة حقيقية منه في ذلك، وهذا خطأ كبير يجب على الطالب أن يتجنب الوقوع فيه وأن يحرص على تحديد أهدافه بوضوح والسعي لتحقيق ذلك، فالإنسان بلا هدف كالسفينة بلا دفة، كما قال «توماس كارليل».

ويجب على طالب العلم إخلاص النية في طلب العلم ابتغاء وجه الله تعالى وابتغاء المساهمة في بناء ورقي المجتمع بغض النظر عن مسمى التخصص، فطلب العلم من أشرف العبادات، ومعلومٌ أن شرط صحة العبادة وقبولها هو الإخلاص في النية مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله تعالى، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا، لم يجد عرف الجنة».

ومن أهم أسباب النجاح والتفوق في شتى مجالات الحياة الهمة العالية والعزيمة الصادقة القوية لتحقيق الهدف المنشود، فعندما يعزم الإنسان على الإنجاز وعلى تحقيق نتيجة ما وجب عليه أن يتفانى وأن يعقد العزم على تحقيق مراده وأن يبتعد عن المثبطين والمحبطين وعن جميع ملهيات الحياة، فالنجاح لا يأتي دون مقابل وإنما يأتي بالعمل الجاد وعدم التقاعس والتسويف مصداقاً لقوله تعالى «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون».

ولاشك أن عملية إدارة وتنظيم الوقت من أهم العوامل الأساسية في جميع أمور حياتنا على كل المستويات والأصعدة، ولأهمية الوقت فقد أقسم الله تبارك وتعالى به في مواضع عدة في القرآن الكريم كقوله تعالى «والعصر إن الإنسان لفي خسر»، فالنجاح والتميز ثمرة من ثمرات إدارة الوقت ولو نظرنا إلى المتميزين في جميع المجالات لوجدنا أن لكل واحد منهم قصة كفاح ومنهجاً في عملية إدارة وتنظيم  الوقت.

ويجب على من أراد النجاح والتميز أن يضع له رؤية معينة وأن يصنع له مساراً مختلفاً وأن يبتعد عن المقارنات مع أقرانه في مجال تخصصه، فعندما خلق الله البشر لم يخلقهم متشابهين وإنما خلقهم مختلفين في أشكالهم وأخلاقهم وأسلوب تفكيرهم وعلمهم وإمكانياتهم الشخصية، ولذلك فالاختلاف من سنن الله تعالى في خلقه، فيجب على من أراد التميز أن يشق طريقه بنفسه وأن يضع له بصمةً تميزه عن غيره، وأن يبتعد عن المحاكاة والتقليد، كما قال ابن عبدالبر «أجمع الناس على أن المقلد ليس معدوداً من أهل العلم». فاحرص على أن تكون مختلفاً بفكرك وبمنهجك اختلافاً يصب في تعزيز وتطوير قدراتك وفي تطوير مجال عملك.

وختاماً كن قادراً على التعامل مع المشكلات واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، والقدرة على التحليل والاستنتاج واتخاذ القرارات المناسبة لا تأتي إلا بالخبرة والممارسة، كما يجب على طالب العلم أن يتعلم كيفية اتخاذ القرار المناسب وكيفية التعامل مع المشكلات، وذلك من خلال الاحتكاك بالعلماء والمختصين في مجال  التخصص لرؤية كيفية تعاملهم مع المشكلات وكيفية اتخاذ القرار الصحيح السليم المبني على العلم والمعرفة.

أخي الكريم أختي الكريمة، أخيراً وليس آخر، لا تجعلوا الهدف المادي هو المحرك أو الدافع الأساسي لكم في اختيار مجال تخصصكم، أو في بناء حياتكم ومستقبلكم، وإنما عليكم باختيار التخصص والمجال الذي يتناسب مع قدراتكم وتوجهاتكم ورغباتكم الحقيقية وتفكيركم الخاص، فاختيار التخصص المناسب يخلق النجاح والتميز، كما أن النجاح الشخصي يحقق النجاح المادي ويصنع منكم نموذجاً متميزاً وقدوةً حسنة للجيل الحالي وللأجيال القادمة من أبناء هذا الوطن المعطاء.

أ. سعد بن فهد القحطاني

معيد ـ كلية العلوم

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA