اختيارك الأكاديمي مسؤوليتك

يعد اتخاذ القرار بشأن التخصص الدراسي أو الأكاديمي من أهم القرارات وأكثرها صعوبة في حياة العديد من طلبتنا الأعزاء، وخاصة بعد إنهاء مرحلة التعليم الثانوي والانتقال لمرحلة الدراسية الجامعية، وذلك لما يترتب على هذا القرار من إعداد فعلي لمهنة المستقبل، ولما للمهنة من أهمية ومكانة في حياة الإنسان اليومية؛ فهي مصدر رزقه وعيشه ومصدر سعادته أو شقائه، وهي التي تحدد مكانته الاجتماعية والاقتصادية، وفيها يعبر عن قدراته وميوله ويحقق ذاته.

ومما لا شك فيه أن العديد من الطلبة يقع في الحيرة والتردد أثناء اتخاذ القرار في التخصص الملائم، فكثيراً ما يقضي الطالب سنوات في دراسة تخصص معين لا يرغبه،  وكثيراً أيضاً ما يغير تخصصه بعد انقضاء السنة الدراسية الأولى، وهذا ما لاحظته في مقابلات التحويل من طالباتنا اللواتي يرغبن في تغيير تخصصاتهن إلى تخصص أكاديمي آخر، فمعظمهن التحقوا بأقسام لا يرغبن بها وبالتالي ليس لديهن معلومات صحيحة عن التخصصات التي يرغبن التحويل إليها، وكانت معظم إجاباتهن تتمحور حول: «لم أجد ذاتي في هذا التخصص وسوف أجرب في التخصص الجديد إن كنت أحبه أم لا».

يمكن القول إن هذه الصعوبات والأخطاء غالباً ما تكون ناجمة عن عوامل عديدة منها افتقار الطلبة إلى المعلومات الذاتية أو الدراسية والمهنية، لذا فقد يتجه بعض هؤلاء نحو تخصص معين نتيجة ما حصلوا عليه من معدل دراسي، أو إعجابهم بشخص ما، أو بتأثير الوالدين وتقاليد الأسرة وثقافة المجتمع، أو قد يكون الخيار وفقاً لمكانه المهنة اجتماعياً، أو لنصائح عارضة من صديق، وغيرها من العوامل التي تؤثر في خياراتنا المهنية.

ولذلك فمن الضروري تقديم المساعدة والمشورة العلمية، وخاصة لمن يحتاجها من الطلبة الذين لا يملكون الوعي والنضج المهني الكافي، أو ممن لديهم أكثر من توجه مهني بالوقت نفسه، ويكون ذلك من خلال مساعدة الفرد أولاً على الوعي ومعرفة ذاته، ويتضمن ذلك معرفة قدراته وميوله، ذكاءاته، سماته الشخصية، مهاراته وقيمه، وليسأل نفسه ماذا أحب وما هي إمكاناتي وهواياتي، ما هي نقاط القوة لدي، ما هي أهدافي وخططي بشأن مهنة المستقبل، كيف سأكون في مهنتي بعد فترة زمنية معينة؟

ثانيا الوعي بالمسارات الدراسية والمهنية المتوفرة من خلال التعرف إلى المواد الدراسية في القسم، وشروط الالتحاق بها، ومدة الدراسة، والأقسام المختلفة ، والمآل المهني بعد التخرج؛ فلا يوجد تخصص أقوى من غيره، ولا يوجد تخصص صعب وآخر سهل، كل مجال تحبه وتعرف عنه هو قوي وسهل بالنسبة لك؛ لذلك ضع في ذهنك المواد المدرسية التي كنت فيها أكثر نجاحاً من بقية المواد، ولا تختر تخصصك بناء على رغبة الآخرين إذا لم تكن مقتنعاً بشكل كامل، ولكن مع مراعاة نقطة هامة جداً وهي سوق العمل والمهن المتوفرة في المجتمع حتى لا تصاب بالإحباط بعد التخرج.

هذا وقد قامت جامعة الملك سعود بخطوة رائدة في هذا المجال من خلال توفيرها برنامج «بيركمان» الذي يوضح للطلبة مجالات الإبداع والنجاح الشخصي والمجتمعي، ومساعدتهم في اختيار أفضل التخصصات الدراسية والمهنية، بناء على صفاتهم وقدراتهم واهتماماتهم، وتذكر دائما عزيزي الطالبة والطالبة أن اختيارك وقرارك الأكاديمي هو مسؤوليتك وحدك ومستقبلك أنت.

د. رجاء محمود مريم

أستاذ مساعد علم نفس مهني

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA