العادات الغذائية وصحة المجتمع 

زاوية: رؤية اجتماعية

في العصر الحديث تغيرت العادات الغذائية بشكل ملوحظ لدى شعوب العالم، وخاصةً خلال العقود القليلة الماضية؛ مما أثر كثيراً على صحة أفراد المجتمع؛ فالتحول الغذائي، واستهلاك الأطعمة التي تحتوي على الدهون والمحليات يتزايد في جميع أنحاء العالم؛ في حين أن حصة الحبوب آخذة في الانخفاض، وكمية الفواكه والخضروات لا تزال غير كافية كما أن التغيرات السريعة في النظم الغذائية الناجمة عن التحديث «تحسين مستويات المعيشة والتنمية المستمرة» وعولمة السوق كان لها تأثير قوي على الحالة التغذوية للسكان. بالإضافة إلى التطور التقني الذي حدث في تجهيز الوجبات السريعة، جعل الفرد يعتمد عليها كثيراً في حياته اليومية؛ مما نتج عنها الكثير من الأمراض المعاصرة: كأمراض القلب، والأوعية الدموية، والسُمنة، وداء السكري، والجهاز الهضمي، والمفاصل، وبعض أنواع السرطان. 

وتشير الدراسات العلمية الحديثة الصادرة عن المنظمات الدولية إلى ارتفاع مستويات الأمراض المرتبطة بالعادات الغذائية غير الصحية، مما شكل مصدر قلق خاصاً لدى المعنيين بالصحة العامة في المجتمعات الإنسانية. كما أن هناك علاقة بين نحو ثلثي الوفيات المبكّرة وثلث إجمالي عبء المرض الذي ينوء به البالغون وبين سلوكيات غير صحية بدأت في مرحلة مبكرة من العمر.

وتؤكد الأبحاث العلمية  أن عبء الأمراض ينمو بمعدل متسارع، إذ ثمة نحو نصف مليار فرد يعانون من السُمنة، وثلاثة أضعاف هذا الرقم يعانون من فرط الوزن، ويعاني 42 مليون طفل دون سن الخامسة فعلياً من فرط الوزن، فضلاً عن الأشكال المختلفة لسوء التغذية غالباً ما تتداخل فيما بينها، حيث يعيش في نفس المجتمعات بل وأحياناً داخل الأسرة الواحدة أفراد يعانون الجوع ونقص المغذيات الدقيقة والسُمنة وفرط الوزن.

لا شك أن التغير الذي حدث في العادات الغذائية خلال السنوات الماضية قد أثر على صحة أفراد المجتمع بمختلف دول العالم، والحاجة ماسة إلى مزيد من البحث والتقصي حول هذا الموضوع المهم، وهذا لا يعني قصوراً بالدراسات والأبحاث التي أجريت، ولكن بالنظر إليها نجد أن معظمها ركزت على الجوانب الطبية البحتة، في حين أن الدراسات التي تطرقت إليها من منظور اجتماعي أنثروبولوجي لم تلق الاهتمام الكافي، وخاصة على المستوى المحلي والعربي.

في المقال القادم سوف نتحدث بمشئية لله تعالى عن قوانين الغذاء الدينية وعلاقتها بالصحة العامة في المجتمعات الإنسانية، إذ تختلف العادات الغذائية في الديانة اليهودية، والمسيحية، والإسلامية، والهندوسية، والبوذية، تبعاً لمفهوم النظام الغذائي الصحي السليم لكل ديانة؛ ومن الملاحظ أن هناك بعض قوانين الغذاء الدينية واجبة التطبيق في جميع الأوقات، في حين لا تنطبق قوانين أخرى إلا في أثناء الاحتفالات أو المناسبات الدينية فقط، وإلى اللقاء. 

 د. علي بن أحمد السالم

المدينة الطبية الجامعية

alisalem@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA