العادات الغذائية وصحة المجتمع

زاوية: رؤية اجتماعية

ذكرنا في المقال الماضي أن هناك قوانين دينية للغذاء والعادات الغذائية، فعلى سبيل المثال: في الديانة اليهودية، شُرِّعَ الغذاء ضمن القانون الموسوي الذي صنف الغذاء إلى نظيف وصحي، وغير نظيف وغير صحي. وقد نظر إلى الدم كقوة الحياة فحرَّمه القانون مما استوجب إسالة دم الحيوانات بعد ذبحها على طريقة الشريعة الحلال اليهودية. أما السمك الذي يسبح مستخدماً زعانفه وله حراشف فقد صُنّف على أنه نظيف يمكن تناوله، إلا أن المحار الذي ليس له زعانف ولا حراشف فهو غير نظيف حتى ولو كان يسبح في الماء.

ومن الحيوانات التي صنفت على أنها نظيفة الأبقار والخراف والماعز التي تجتر الطعام ولها حوافر مشقوقة، أما الخنزير الذي لا يستطيع العيش على العشب، فكان من الصعب أن يعيش مع القطيع وكان قليل القدرة على احتمال طريقة عيش البداوة، لهذا يُعتبر غير نظيف.

وفي الديانة المسيحية: لا تحرم أي نوع من المأكولات أو المشروبات، والأمر خاضع لقاعدة العهد الجديد «كل شيء حلال، ولكن ليس كل شيء ينفع»؛ وبينما يعتبر إذهاب العقل بالسكر خطيئة، فإن شرب كميات معتدلة من الكحول لا إثم عليه.

وفي الثقافة والعبادة المسيحية يتم الصلاة غالبًا قبل وبعد الطعام لشكر الله على النعم. كما لا توجد أطباق مسيحية موحّدة، بل الأطباق تختلف من بلد إلى بلد باختلاف الثقافات. أما بالنسبة لذبح الحيوانات فالأساس يجب تصفية الذبيحة من الدم، وتمنع المسيحية عن أكل الدم مثل الديانة اليهودية والإسلام.

وفي الثقافة الكاثوليكية تنتشر عادة أكل السمك والمأكولات البحرية في يوم الجمعة، وفي الصوم الكبير وباختلاف الطوائف ومن منطقة إلى أخرى، يتنوع بين الامتناع عن الطعام ساعات محددة أو الامتناع عن ألوان محددة من الطعام؛ أما الكنيسة الرومانية الكاثوليكية وغيرها من الكنائس المسيحية الغربية فتفرض على أتباعها الانقطاع عن اللحوم ومنتوجات الحليب والأجبان يومي الأربعاء والجمعة، في حين أنّ الكنائس الأرثوذكسية الشرقية وغيرها من الكنائس ذات التقاليد المسيحية الشرقية تفرض الانقطاع عن اللحوم لمدة أربعين يومًا.

وفي الإسلام: تستند قوانين الطعام لدى المسلمين على تقييد أو حظر بعض المواد الغذائية وتشجع الأخرى، وهذه القوانين ملزمة، ويجب أن تتبع في كل الأوقات، وحتى أثناء الحمل، والعلاج في المستشفيات، أو السفر. كما أنه في الدين الاسلامي يُسمح بمعظم الأطعمة، ما لم يكن مشروطة أو محظورة، وتسمح الديانة الإسلامية تناول الأغذية المحظورة عند الحاجة الماسة كحالة اضطرارية؛ ومن الأطعمة المسموح بها: منتجات الألبان، الفاكهة والخضروات إلا إذا خمرت أو أصبحت سامة، والخبز والحبوب ما لم تتعرض للتلوث أو كانت ضارة، واللحوم بما فيها المأكولات البحرية والحيوانات البرية غير المحرمة ومذبوحة بالطريقة الشرعية. أما الكحول فهي تمنع منعًا باتاً.

ويذكر القرآن الكريم بعض الأغذية بأنها ذات قيمة غذائية خاصة وفائدة صحية: كالتين، والزيتون، والتمور، والعسل، واللبن. وللحديث على مائدة الطعام الإسلامية وظيفتان: وظيفة تواصلية، توطّد المحادثة والاشتراك في الأكل وتقوّي اللحمة بين الأكلة وتعمق المؤانسة، ووظيفة اختلافية تميز المسلمين عن غيرهم، وإلى اللقاء. 

 د. علي بن أحمد السالم

المدينة الطبية الجامعية

alisalem@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA