العلاج بالألوان

 

يعد العلاج بالألوان «Chromotherapy» أحد فروع العلاج الضوئي «Phototherapy»، فعند تحلل الضوء ينتج ألواناً بأطوال موجية مختلفة تحدث أثرًا إيجابيًا أو سلبيًا على إيقاع الساعة البيولوجية في المخ، فتتأثر العمليات الفسيولوجية المتحكمة في التفكير والمزاج والسلوك والصحة بشكل عام.

ويعد إيقاع الساعة البيولوجية «Circadian Rhythm» المتحكم في الاستجابة للمؤثرات الخارجية وعلى رأسها الضوء والظلام، فإذا اختل هذا الإيقاع يصاب الكائن الحي بأمراض عديدة خاصة مع إيقاع الحياة السريع في هذه الآونة.

تعتمد فكرة الكروموثيرابي اختلاف الطول الموجي للألوان التي تستقبلها شبكية العين، فترسل بها إشارات إلى المخ فيتأثر عمل الغدة النخامية والجهاز الصنوبري، فتفرز نواقل كيميائية خاصة بكل لون، كما أنه بالتعرض للألوان المختلفة تتولد موجات كهرومغناطيسية تؤثر في التفاعل بين الكائنات الحية، وبذلك إما أن تُحدث الألوان أثراً منشطاً للجسم مثلما يحدث عند رؤية اللون الأحمر، أو ابتهاج النفس والسرور عند رؤية اللون الأخضر أو الأصفر أو البرتقالي أو الأزرق.

ويعد الكروموثيرابي من الطرق القديمة في العلاج، فقد استخدمها الفراعنة والصينيون وفي  بلاد الهند في علاج أمراض عديدة، وحديثًا زاد الاهتمام بالكروموثيرابي، فقد منحت جائزة نوبل في الطب هذا العام لعلماء أمريكيين لاكتشافاتهم بعض الجينات المتحكمة في  إيقاع الساعة البيولوجية والاستجابة للضوء.

وقد يؤدي ذلك الفتح  إلى اكتشاف آليات الأمراض بدقة أكثر، ومن ثم تحديد طرق فريدة للعلاج مثل «Chronotherapy» لعلاج الأمراض، خاصة أمراض العصر مثل الاكتئاب «القاتل الصامت» وهو المسبب الرئيسي لاضطرابات النوم وضغط الدم والذبحة الصدرية والسكري وأمراض الكبد وارتفاع الكولسترول بالدم والسرطان، وكلها أمراض عصرية صامتة قاتلة.

ويعد العلاج بالألوان طريقة فعالة لعلاج الكثير من الأمراض النفسية، وقد أشار القرآن الكريم إلى أن للألوان أثراً طيباً على النفس في الدنيا والآخرة، فاللون الأخضر يدخل البهجة والسرور على النفس في الدنيا قال تعالى «أم من خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة». وفى الآخرة عن أهل الجنة، قال تعالى «متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان». فيساعد اللون الأخضر في الشفاء من الاكتئاب وأمراض القلب واضطرابات الذاكرة، وهو اللون المفضل في لباس الفريق الطبي في المستشفيات بهدف الهدوء أثناء التعامل مع المرضى.

أيضا للون الأصفر أثر مهدئ ويدخل السرور على النفس، قال تعالى «صفراء فاقع لونها تسر الناظرين»، فيساعد على الاسترخاء والسعادة، لذا فهو مفيد لتهدئة الأعصاب وعلاج الأرق. كما يعد العلاج باللون الأزرق «Bluetherapy» من أنواع الكروموثيرابى، وهو لون البحار والأنهار والبحيرات والشلالات والسماء الصافية، فيخفف من التوتر، وكذلك اللون البنفسجي يستخدم في المساعدة على النوم وعلاج الاضطرابات النفسية.

أما اللون الأحمر فهو منشط للأيض ويحسن الدورة الدموية ويزيد من عمل القلب ومعدل التنفس وتنبيه المخ، فيساعد على التخلص من الكسل والإجهاد وفي علاج صعف الباءة، وقد استخدم قديماً لعلاج الحصبة، وله استعمالات في  كشف الجناة وتحقيق العدالة.

ويلعب اللونان الأبيض والأسود الدور الأكبر في التحكم في إيقاع الساعة البيولوجية بتعاقب الليل والنهار، فاللون الأبيض لون الهدوء يزيل التوتر ويدخل الطمأنينة، وبذلك يعطى الإحساس بالأمان؛ بينما للون الأسود أثراً سلبيًا، فيزمر للحزن ويعطي الإحساس بالاكتئاب، ولكن له دور فعال في إيقاع الساعة البيولوجية.

ولما للألوان من أثر طيب على النفس «إن من الألوان لسحرا»، عليك باختيار اللون المناسب في الملبس والمسكن وفي أماكن العبادة والدراسة والعمل وعلى سطح المكتب  للحاسوب والهاتف، مع التأمل في ألوان النبات والزهور والسماء والماء، كل ذلك سيساعدك على التأمل والتدبر والإبداع والوقاية من أمراض العصر بإذن الله. قال تعالى «وما ذرأ لكم في الأرض مختلفاً ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون».

أ. د. جمال الدين إبراهيم هريسه

كلية الصيدلة

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA