العادات الغذائية وصحة المجتمع

زاوية: رؤية اجتماعية

إن التغير الاجتماعي والاقتصادي الذي تمر به المجتمعات الإنسانية اليوم يلعب دوراً مهماً في تغير العادات الغذائية عما كانت عليه في الماضي، سواءً كان هذا التغير إيجابياً أو سلبياً؛ فارتفاع مستوى التعليم والوعي لدى أفراد المجتمع على سبيل المثال يساعد في المحافظة على الصحة العامة في المجتمع، وبالتالي التحكم والسيطرة على الأمراض وتعزيز العادات الغذائية الصحية، في المقابل نجد أن توفر المال وقلة الوعي الصحي لدى أفراد المجتمع يساعدهم على شراء الأغذية المشبعة بالدهون، مما ينعكس سلباً على صحة أجسادهم.

في ظل هذا الوضع العالمي الجديد والانفتاح على السوق العالمية الذي يحاول تسويق مواده ومنتجاته الغذائية المغرية وتقديمها بأشكال زاهية وسهلة الإعداد وبسيطة التناول، يكون أي المجتمع قد استمد نمطاً ثقافياً معيناً في تناوله لوجباته الغذائية ومكوناتها وتركيباتها، والتي قد تؤدي في النهاية ونتيجةً لاحتوائها على مواد دهنية في الغالب، ولكثرة تناولها، إلى خلل في صحة المجتمع.

في المجتمع السعودي على سبيل المثال؛ تشير التقارير الصادرة عن مؤسسة «تشاتام هاوس البحثية» المنشورة في أكتوبر 2016 إلى ارتفاع نسبة متوسط استهلاك المواطن السعودي من لحوم الأغنام والأبقار والدواجن، حيث تحتل السعودية المركز السادس عالميًا في استهلاك لحوم الأغنام بمتوسط 5.5 كجم للفرد سنويًا، وتأتي خامسًا في استهلاك الدواجن بـ41.2 كجم للفرد سنويًا، والمركز 32 في استهلاك الأبقار بمعدل 3.9 كجم للفرد سنويًا.

هذه النسب العالية جداً إذا قارناها بنسبة من يتناولون الخضروات والفواكه من المواطنين السعوديين «7.6٪» في مسح المعلومات الصحية لوزارة الصحة السعودية عام 2013، نلاحظ فجوة كبيرة بين المؤشرين «اللحوم والدواجن/ الخضروات والفواكة»، الأمر الذي يستدعي تضافر الجهود، وإعادة النظر ومراجعة السياسات الاجتماعية والصحية.

الجدير بالذكر أن الاسترايتجية العالمية بشأن النظام الغذائي والنشاط البدني والصحة في مايو 2004 حثت الحكومات المحلية على التوازن بين الطاقة والوزن الصحي، والحد من تناول الأغذية الدهنية الغنية بالطاقة بالتحول من استهلاك المواد الدهنية المشبعة إلى استهلاك مواد دهنية غير مشبعة، والتخلص من الأحماض الدهنية، وتناول المزيد من الفواكه والخضار والبقول، والحبوب غير منزوعة النخالة والجوز والبندق.

كما توصي تقارير الخبراء والدراسات العلمية الحديثة الحكومات بتوعية وتثقيف مواطنيها بشأن الممارسات الغذائية الصحية، واتخاذ تدابير الحماية الاجتماعية كبرامج التغذية المدرسية، وتعزيز السلوك الغذائي الصحي في سن مبكرة؛ وتشجع الحكومات خفض الدهون غير المشبعة، والدهون المشبعة والسكريات والملح في المأكولات والمشروبات، وتحسين المحتوى الغذائي من الأطعمة بواسطة الأدوات التنظيمية والطوعية داخل المجتمعات، وإلى اللقاء.

د. علي بن أحمد السالم

المدينة الطبية الجامعية

alisalem@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA