الألعاب الإلكترونية ”اختطفت” الأطفال من محيطهم التربوي والاجتماعي

تسبب العزلة والأنانية ورفض المجتمع والقيم

استعرضت دراسة صادرة عن معهد البحوث والدراسات الاستشارية بجامعة الملك خالد بعنوان «الآثار الاجتماعية والنفسية والتربوية للألعاب الإلكترونية على الأطفال - دراسة ميدانية على أولياء الأمور في منطقة عسير»، إيجابيات وسلبيات هذه الألعاب على النمو النفسي والاجتماعي والتربوي للأطفال، وانتهت الدراسة بعرض النتائج الميدانية التي أجراها الفريق والتوصيات المقترحة.
وأوضح عميد المعهد الدكتور عبداللطيف الحديثي أنّ هذه الدراسة تكتسب أهميتها من أهمية تربية الأطفال وترشيد سلوكهم والمحافظة على اتزانهم النفسي، حيث تشكل هاجساً لدى أغلب الأسر، ورغم أنَّه من الطبيعي في أي ثقافة إنسانية ممارسة الألعاب التي تقوم على مبادئ الإثارة لإبراز القدرات الفردية بالنسبة للأطفال، إلا أنَّ ألعاب اليوم ونتيجة للطفرة المعلوماتية «اختطفت» الأطفال والمراهقين من محيطهم المدرسي والمجتمعي، فبات مألوفاً مشهد الطفل الذي يجلس أمام الألعاب الإلكترونية وحيداً لساعات طويلة، وهذا يستدعي إشرافاً واعياً وفهماً عميقاً لهذه الظاهرة وأبعادها.
وأضاف الحديثي أن الدراسة استهدفت 657 من أولياء أمور طلاب مرحلتي الابتدائي والمتوسط بمنطقة عسير، بلغ نسبة الأطفال الذكور من العينة 53%، والإناث 47%، 50% منهم أي نصف العينة بلغت أعمارهم أكثر من 12 سنة، والنصف الآخر أقل من 12 سنة، وبينت الدراسة أنّ 55% من عينة الدراسة من الأطفال بمنطقة عسير يقضون ساعتين فأكثر يومياً في استخدام الألعاب الالكترونية. أما عن نوعية الألعاب الإلكترونية التي يلعبها الطفل فقد حازت ألعاب الجوال على 33%، ثم البلايستيشن والإكس بوكس بـ 28%، وبلغت نسبة استخدام الآي باد في اللعب 23%.
وبالنسبة لاتجاهات الأطفال نحو الألعاب الإلكترونية، فإن 51% من العينة المستهدفة يلعبون بكثير من التركيز والاهتمام والانغماس العاطفي والفكري، ما قد يؤثر على مستوياتهم الدراسية وشغل حيز كبير من ذاكرة الطفل، كما أن معدي الألعاب يحاولون هدم وتجاوز عاملي الزمان والمكان، ما يشعر الطفل بزوال الحواجز، وهذا يتعارض مع التعليم الذي يركز على بناء شخصية الطفل في حدود هذين العاملين، بالإضافة إلى أنَّ هذا يتفق مع نظرية “الاغتراب الاجتماعي”، والتي ترى أنَّ الألعاب الإلكترونية تشكل نوعاً من المواطنة الجديدة عبر العالم الافتراضي، فيجعل الطفل يترك عالمه الحقيقي ولا يتقبل قيمه وأعرافه وتقاليده.
وسلطت الدراسة الضوء على الآثار الاجتماعية الإيجابية المترتبة على استخدام الطفل للألعاب الإلكترونية، أهمها: أن 40% من الأطفال يكتسبون مهارات تنظيم أدوار اللعب عند مشاركتهم للآخرين، وبالتالي فإن ممارسة الطفل لهذه الألعاب من شأنها أن ترضي نوعاً من ميوله، كما تطرقت للعديد من النتائج السلبية التي تنعكس سلباً على الطفل من حيث زرع الأنانية، وتفضيل العزلة، وعدم الاكتراث بالمجتمع، والتواصل مع أشخاص مجهولين عبر المحادثات التي تتيحها بعض الألعاب.
وأوصت الدراسة بتوجيه أولياء الأمور نحو تقنين عدد ساعات استخدام الأطفال للألعاب الإلكترونية، وربطها بمستوى التحسن الدراسي، وعقد برامج تربوية إرشادية لأولياء الأمور والأطفال حول أضرار ممارسة الألعاب الإلكترونية، وتوجيه الأسرة إلى وضع برامج حظر على جوالات أطفالهم تمنع تحميل الألعاب السيئة، وإلزام الطفل بأدوار داخل مجموعات عمل لتنمية العمل الجماعي، وحث الأبناء على الألعاب التعليمية المستحثة للتفكير والتحليل، إضافةً إلى مقترح بإيجاد نظام تصنيف «عمري، ثقافي، نوعي» للألعاب الإلكترونية على غرار «مجلس تصنيف البرمجيات الترفيهية» وفكرة تبني وزارة التعليم بعض الألعاب الإلكترونية الجيدة وتضمينها في المناهج الدراسية.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA