في هذا المقال نستكمل مهام رئيس القسم التي بدأناها في المقالين السابقين، ومن أبرز تلك المهام إدارة جلسات مجلس القسم، إذ يفترض أن يعقد مجلس القسم جلسات متتالية، إما أسبوعية أو كل أسبوعين أو ثلاثة لتحقيق مهام القسم، وهناك تساؤل عمن يحضر جلسات مجلس القسم، إذ نصت المادة «41» من النظام أن يتكون مجلس القسم من أعضاء هيئة التدريس فيه، وأعضاء هيئة التدريس هم الأستاذ المساعد، والأستاذ المشارك، والأستاذ، وهذا يعني أن حضور الاجتماعات مقصور على هذه الفئات الثلاث فقط، وهذا يعني عدم جواز حضور المعيدين والمحاضرين جلسات المجلس.
ويجب توافر النصاب القانوني للاجتماع، والنصاب القانوني هو عدد الحاضرين الذين يصبح الاجتماع بحضورهم قانونياً، فالنصاب القانوني هو الذي يكسب الاجتماع قانونيته، وبالتالي صحة قراراته، بحيث إذا لم يكتمل النصاب القانوني في الاجتماع أصبحت القرارات باطلة، وغير نظامية، ولا يصح اجتماع مجلس القسم إلا بحضور ثلثي أعضاء المجلس، هذا يعني ضرورة حضور أعضاء المجلس لاجتماعاته، وهذا يعتبر من واجباتهم الوظيفية، ومع ذلك لم يتضمن النظام ولا اللوائح أي عقوبة لعدم حضور الأعضاء للجلسات، بل إن بعض الأقسام اعترض على اختيار أحد أعضائه رئيساً، ورفض أغلبهم الحضور لمدة سنة كاملة، وبالتالي لم يعقد القسم جلسات نظامية لمدة سنة حتى تدخلت إدارة الجامعة.
وقد تكون هناك حالات استثنائية تطرأ، مثلاً في حالة خلو منصب رئيس القسم لأي سبب، فإن عميد الكلية أو من يفوضه يحل محل الرئيس مؤقتاً إلى أن يتم تكليف رئيس جديد، غير أن العميد أو من يفوضه لا يحق لهم التصويت على قرارات مجلس القسم، فحضورهم شرفي لإدارة الاجتماع وتوجيه الدعوات، ولكنه ليس عضواً في مجلس القسم حتى لو أداره لفترة مؤقتة، لذا لا يحق له التصويت، وفي إحدى الكليات كُلف وكيل الشؤون الأكاديمية برئاسة قسمين لأكثر من سنة.
ومن مهام رئيس القسم الدعوة لحضور الاجتماع، إذ يلزم توجيه الدعوة إلى جميع الأعضاء للحضور قبل وقتٍ كافٍ من موعد الاجتماع، ولهذا إذا اقتصرت الدعوة على عدد منهم فقط كان اجتماع المجلس باطلاً، وقراراته غير صحيحة، وعادة يوجه الدعوة رئيس المجلس، وغالباً تتضمن الدعوة جدول الأعمال ووقته، ومكانه.
وتختلف طرق توجيه الدعوات من مجلس إلى آخر، وقد تستخدم وسائل الاتصال الحديثة في الدعوة، أو قد يحدد يوم معين لانعقاد اللجنة «وساعة محددة»، وفي هذه الحالة يعتبر علم جميع الأعضاء بهذا الموعد بمثابة وصول الدعوة إليهم، إذ قد لا ترسل الدعوات إلا للتذكير بالموعد، لكن اتفاق الأعضاء على موعد محدد بالساعة والتاريخ يعتبر بمثابة توجيه الدعوة للحضور.
وجرت العادة أن تكون مناقشة الموضوع المطروح بأولوية الطلب، إما برفع اليد أو بالأسبقية في ضغط الزر في حال استخدام التقنية «مثل نظام مجالس المعمول به في الجامعة».
ولرئيس المجلس أن يعطي الأعضاء فرصة للمناقشة وإبداء الرأي أولاً بأول، وأن يضبط وقت النقاش، فلا يستحوذ أحد الأعضاء على وقت الجلسة ليبدي وجهة نظره على حساب وقت الأعضاء الآخرين.
ويعتبر الاجتماع منتهياً بمجرد الانتهاء من مناقشة الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال وما يستجد منها، ولهذا فإن بقاء بعض الأعضاء، وإعادة مناقشة بعض المواضيع التي سبق أن نوقشت بعد خروج الآخرين يعتبر غير نظامي.
وقد اعترضت الإدارة القانونية على قرار أحد مجالس الكليات لأنه أعاد مناقشة موضوع سبق أن نوقش بحضور النصاب القانوني، ولما انفض الاجتماع وبقي بعض الأعضاء أعيدت المناقشة واتخذت توصية مخالفة للتوصية السابقة، فاعتبرت هذه الأخيرة غير نظامية.
حالة أخرى تتكرر في مجالس الأقسام والكليات على وجه الخصوص، وهي خروج بعض الأعضاء من الجلسة وتوكيل آخرين في التصويت عنهم على المواضيع المتبقية، وهذا خلل يؤثر في النصاب القانوني من ناحية، وعلى صحة التصويت من ناحية أخرى.
وفي الحقيقة أنه يجب حساب فقط عدد أصوات الحاضرين الذين ناقشوا تلك المواضيع وعدم احتساب أصوات من لم يحضر، حتى لو حضر جزءاً من الاجتماع، كذلك فإنه إذا تأثر النصاب القانوني وأصبح أقل من ثلثي الحاضرين فإنه يجب إنهاء الاجتماع، لأن القرارات المتخذة بعد انخفاض النصاب ستكون غير قانونية.
ومن البديهي أن يسفر النقاش عن قرارات أو توصيات، وتكون قراراته إذا أعطى النظام المجلس صلاحية إصدار القرار بحيث يكون إلزامياً بمجرد صدوره، وتكون توصياته إذا لم تأخذ طابع الإلزام بمجرد صدورها، بل يجب اعتمادها من جهة أخرى، مثلاً قرارات مجالس الكليات لا تعتبر نهائية إلا إذا أرسلت لمدير الجامعة ومضت خمسة عشر يوماً من تاريخ وصولها إليه دون أن يعترض عليها.
د. إبراهيم الحديثي
الأستاذ المشارك في قسم القانون العام
كلية الحقوق والعلوم السياسية
إضافة تعليق جديد