مرن ومتزن أم متعصب لرأيك!

هناك معضلة فكرية منتشرة بين الكثير من الأشخاص تتمثل في التمسك بالآراء والتعصب للرأي حتى ولو كان خاطئاً، وهذه المشكلة يجب أن تُعالج قبل أن تضع صاحبها في موقف حرج لا يُحسد عليه, فإن كُنت تحاور شخصًا في أمر ما فلا ضير أن تبحث في رأيه وتُحلل وتستنتج وتُناقش، فإن اكتشفت أنك وقعت بالخطأ فبادر بالاعتذار فلا عيب أن يعتذر المُخطئ ولا ينقص من مقدراه شيء بل على العكس قد يرتفع مقداره أكثر وأكثر.
التعصب للرأي ينتج عنه التشنجات والانفعالات التي قد تنتج عنها أمور لا يحمد عقباها فالإنسان في غنى عنها , فأن كان رأيك خاطئًا فخذ الرأي الصحيح , وإن كان رأيك صحيح , فبين للناس بالأسلوب الحسن وقوة الحجة بصحة رأيك ,,,
البعض قد يكون لديه رأي ولكن رأيه ينقصه الحجة والاستدلال والنقص وعدم شرح المطلوب وتوضيح رأيه وهذا ما يجعل رأيه ضعيفاً مقابل آراء أقوى منه بكثير وأصح من ناحية التوازن, وتجده ينافح ويزبد ويرعد دفاعًا عن رأيه وكأن في الأمر حياته أو موته, وقد تجد لدى البعض المُكابرة في الرد والنقاش والجدل في إثبات رأيه الغير صحيح بالأساس, فإن كنت في البداية لا تمتلك الأدلة الواضحة الجلية ولا الحجة القوية التي تدعم بها رأيك، فلا تكابر في الدفاع عن رأيك دون النظر بآراء الآخرين ودراستها بعناية.
إن التسرع في طرح رأيك دون دراسة جيدة سيوقعك في إشكالات كثيرة وتناقضات أنت في غنى عنها, فلا تكن ممن لا يهمه آراء الآخرين حتى لو كان رأيه خاطئاً فهو مُقتنع فيه وبصحته أي أنه يوهم نفسه في داخله أن رأيه صحيح وهو عكس ذلك تمامًا ويقحم نفسه في نقاشات ويحرج نفسه أمام الآخرين.
اختلاف الآراء بين البشر أمر وارد وطبيعي, لكن الغير طبيعي والذي يحتاج لنصح وإرشاد وقد يحتاج إلى علاج نفسي هو التمسك بالرأي بعصبية شديدة والدفاع المُستميت وعدم تقبل آراء الآخرين، كن ممن يفتح المجال للآخرين لسماع قولهم واعترف بخطئك إن وجدت أنك مخطئ.
يجبُ أن نعلم جميعًا ونعي ذلك جيدًا إذا أردت لرأيك القوة فعليك بالاجتهاد والبحث عن الدليل الداعم لرأيك وتقبل آراء الآخرين وناقشهم في آرائهم إن كانت لديك الأدلة الواضحة, أما أن تطرح آراءك دون دليل ولا حجة ولا منطق ولا رؤية وتتعصب لرأيك فتلك مُصيبة.
إن أردت قوة الحجة فعليك بما يلي: ابحث جيداً بالأدلة التي تُساند رأيك، كُن حيادياً دون تعصب لرأيك وزن رأيك بالميزان، تأمل رأي غيرك وادرسه جيداً ولا تُفكر أنه خاطئ في البداية وإنما أجعل له نصيباً من الصحة، فند رأي غيرك بكُل موضوعية وحدد نقاط الاختلاف وناقشها، كُن صبورًا وهادئًا لا تغضب ولا تتسرع في طرح رأيك.
قال الإمام الشافعي رحمه الله: «رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب»
فالإنسان المتزن يرى أن رأيه صواب وهذا لا إشكال فيه ورغم ذلك يضع احتمالاً بسيطاً واعتقاداً أنه قابل للخطأ, ورأي الغير خاطئ من وجهة نظره وهذا لا إشكال فيه مع وضع احتمال بأنه صحيح.

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA