مداخل متعددة لترسيخ ثقافة التطوع

زاوية: جامعتي 2030

تحتاج المجتمعات الطامحة في التطور أن تحصد ثمار الجهود التي تبذلها كافة مؤسسات المجتمع سواء كانت تلك المؤسسات حكومية تدعمها الدولة وتضع نظامها الإداري، أو أهلية يدعم أساسها فئات متعددة من المجتمع.

ولا تقتصر جهود التطور على نوع بعينه من هذه المؤسسات، بل يسعى الجميع إلى العمل، بحيث تصب جهود جميع هذه المؤسسات في شرايين المجتمع، فتبث فيها روح التعاون لبلوغ التطور في المجالات المتعددة.

وتتوقف كثير من مخرجات مؤسسات المجتمع على الجهود التطوعية «غير الملزمة» التي يقوم بها أفراد المجتمع، ويختلف مقدار هذه الجهود من مجتمع لآخر، وهو أحد الأسباب التي دفعتني لكتابة هذه المقالة، والتي ستكون بمشيئة الله بداية لعدد من المقالات التي تتناول موضوع التطوع، فالعمل التطوعي أصبح ثقافة راسخة في كثير من المجتمعات المتطورة، وباتت هذه المجتمعات تحصد ثماراً وفيرة من حرص أفراد المجتمع على القيام بالأنشطة التطوعية، حتى أصبح الأمر ثقافة راسخة لها أساس عميق في جذور المجتمع.

ولا شك في أن مجتمعاتنا العربية أحوج من غيرها لنشر ثقافة العمل التطوعي، ومشاركة الأفراد بجهودهم التطوعية في تطور مجتمعاتهم، وهو ما يجعل الاهتمام بنشر وترسيخ ثقافة العمل التطوعي أمراً مؤثراً في دفع عجلة التطور في المجتمع إلى الأمام.

وهناك العديد من المداخل التي يستند عليها العمل التطوعي وتحوله إلى ثقافة مجتمعية، هذه المداخل تتطلب دومًا مزيداً من الدعم لتقوم كل منها بدورها في نشر وترسيخ ثقافة التطوع في المجتمع.

ويأتي مدخل الدين، في مقدمة تلك المداخل؛ فالإيمان التام بأن كل خير يقدمه الإنسان سوف يجده في موازين أعماله، أمر مؤثر في حرص الفرد على سلوك التطوع، والالتزام به، حيث يدرك أن عمله لله، وأن من واجبه دعم المجتمع وتطوره ومساعدة غيره، ويتعاظم الشعور بالمسؤولية الفردية في دعم المجتمع ومؤسساته.

وهناك المدخل التربوي والتعليمي الذي نضع جذوره في قلوب براعم الوطن ليكبروا ويكبر معهم إدراكهم بواجبهم نحو مجتمعهم، وأهمية قيامهم بالأدوار التطوعية في شتى المجالات، ويتطلب هذا المدخل مراجعة دقيقة للمناهج التعليمية، وكافة الأنشطة التربوية المرتبطة به، ووضع ما يدعم نشر ثقافة العمل التطوعي في المجتمع، ويعد هذا المدخل أحد المداخل ذات الأثر الكبير خاصة إذا روعي الاهتمام به في كافة المراحل التعليمية.

كما أن للمدخل التنظيمي أثراً في دعم نشر وترسيخ ثقافة العمل التطوعي في المجتمع، وأقصد هنا بالمدخل التنظيمي وجود إطار تنظيمي محفز للعمل التطوعي وداعم له، ويستند على معلومات وبيانات دقيقة عن الجهود التطوعية في المجتمع وأهميتها، إضافة لرصد المجالات الأكثر حاجة للجهود التطوعية.

وهو ما يدفعنا للتأكيد على أهمية المدخل الإعلامي ودوره في نشر وترسيخ ثقافة العمل التطوعي، لما له من دور فاعل في الكشف عن النماذج المشرفة والتي تعد قدوة في العمل التطوعي، ومدى احتياج المجتمع إلى هذه الجهود، وآثر ذلك في نشر الود وتوثيق الروابط واللحمة الوطنية.

إن مجتمعنا في أشد الحاجة إلى أن يؤمن كل فرد منا بأهمية دوره، ومسؤوليته تجاه مجتمعه، هذه المسؤولية التي تتخطى دوره الرسمي والوظيفي، وحينها سنضع أساساً قوياً راسخاً لثقافة العمل التطوعي، يحصد ثماره كل أفراد المجتمع، والله الموفق.

أ.د. يوسف بن عبده عسيري

وكيل الجامعة للتخطيط والتطوير

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA