حب الذات.. قيمة إنسانية وطاقة إيجابية

ينظر الكثيرون إلى حب الإنسان لذاته على أنه نوع من النرجسية والأنانية، وهذا صحيح إذا زاد معدل حب الذات عن الطبيعي وتحوّل إلى المبالغة في تفضيل الذات والمصلحة الشخصية على ما سواها حتى إذا كانت مصالح الآخرين، إلا أن الأمر له وجه آخر يتعلّق بحب الذات من منظور الاحترام والثقة بالنفس والرضا عن الحال، ما يزيد مكانة الإنسان وقيمته، ويعتبر أولى الخطوات نحو العلاقات الاجتماعية الناجحة والحياة المستقرة.
يتمحور الحب بشكل عام حول الأخذ والعطاء، فإذا كان المرء يستطيع منح ما يكفي من الرعاية والاهتمام والتعاطف لنفسه، فعلى الأغلب يمكنه منح هذه المشاعر للآخرين أيضا، هذا بخلاف محبة النفس والأنانية، اللتين تقومان على الأخذ والاستغلال وتفضيل الذات.
“لا يمكننا أن نحب الآخرين ما لم نتمكّن من حب أنفسنا”، قول مأثور يحمل العديد من المعاني والدلائل، أبرزها أن الحب يزدهر ويكبر عندما نقدّمه للآخرين، ولكنه دائما يبدأ عند النفس، فعندما يحب المرء ذاته فإن العالم من حوله يصبح أكثر جمالا وجاذبية ونجاحا، فحب النفس ليس استثناء، حيث يتيح للمرء النظر إلى الأشياء والأشخاص والحياة بمنظور أفضل وأكثر إيجابية، ولكن الشيء الأكثر أهمية هو أن كل هذه التغييرات تتعلّق بتصوّر المرء فقط.
عندما يحب المرء ذاته فإنه يصبح شخصا أفضل، لكون ذلك يحسّن الحالة النفسية والعاطفية، التي تنعكس إيجابيا على الصحة والحالة الجسدية. كما أن حب الذات واحترام النفس يجعلان الفرد يتمتّع بعلاقة أسرية دافئة وناجحة، قائمة على العطاء والاحترام المتبادل بين الشريكين، وخالية من أي ازدراء أو سوء معاملة، ما يساعد على استمرار الحياة الأسرية ونجاحها.
ويشير خبراء إلى أن حب الذات واحترامها يعتبران من العوامل الرئيسية في تكوين شخصية سوية ومؤثّرة وناجحة اجتماعيا وعمليا، إلا أنهم يؤكدون أن الإفراط في ذلك والمبالغة في تقدير الذات قد يؤديان إلى الأنانية التي تأتي بنتيجة عكسية على حياة الفرد.
إن حب الذات يمنح طاقة إيجابية للمرء تساعده على مواجهة تحديات الحياة، وتزيد من ثقته بنفسه وشعوره بقيمته، ما ينعكس إيجابياً على الحياة العملية والاجتماعية للفرد، ويجعله ناجحا سواء في عمله أو محيطه الاجتماعي، ولا شك أن الدائرة الاجتماعية المحيطة بالفرد مؤثّرة بشكل مباشر في درجة حبه لذاته سواء سلبيا بتدني قيمته، أو إيجابيا بدعمه نفسيا والثناء عليه، حيث تظل محبة المرء لذاته شيئا ضروريا يؤثّر ويتأثر بالمحيط الاجتماعي.
وقبل التوجه لحب الآخرين واحترامهم وحسن معاملتهم، يجب أولا أن يحب المرء ذاته ويحترمها ويحسن معاملتها، من منطلق أن فاقد الشيء لا يعطيه، فتطوير حب الذات هو مفتاح من مفاتيح الارتقاء بالذات وتحصيل السعادة وتحقيق النجاح.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA