يعزو العديد من الخبراء والمتخصصين سبب قلة الإبداع في العصر الراهن إلى غياب أوقات الفراغ، نتيجة الطفرة التكنولوجية والإلكترونية وانتشار وسائل الاتصالات والهواتف الذكية وانشغال عقولنا وتفكيرنا بها طوال الوقت، حيث أصبحت تستحوذ على جل أوقاتنا وتملأ أي وقت فراغ في حياتنا، ولا ندعها أو نستريح من سيطرتها سوى في تلك السويعات التي يطغى فيها علينا العنصر الإنساني ونذهب لنستريح، لنعيد شحن أجسامنا وعقولنا من جديد لننام!
من المفترض أن تحصل عقولنا وأذهاننا على أوقات فراغ تستريح فيها وتقوم بربط النقاط والأفكار بعضها البعض باعتبار ذلك جزءاً أساسياً من العملية الإبداعية، يقول ستيف جوبز “الإبداع هو مجرد ربط للأشياء” أي في لحظة صفاء لذهنك وتأمل لما حولك قد تصلك إجابة لسؤال ما أو حل لمشكلة أيقظتك ليال عديدة، تلك اللحظة التي تأتيك عند الاستحمام ويعلو صوتك فيها “آهاا” هي لحظة لا تقدر بثمن هي العاصفة المثالية لفكرة مثالية، فدماغك لا يكون في حالته الأكثر نشاطًا عندما تركز في عملك أو أداء مهمة، بل أظهرت الدراسات أن دماغك يكون أكثر نشاطًا عندما تترك مقوده وتدعه يجول في الأرجاء بلا حواجز أو قيود.
بالطريقة التي نتعامل بها مع أجهزتنا اليوم، نستخدمها في المجالس وعند انتظار الطابور وحتى في دورات المياه، فإننا لا نسمح لأنفسنا بالحصول على تلك اللحظة من الانقطاع التي تتصل فيها النقط وتتكون فيها الأفكار، في كثير من الأحيان نعتقد أن بابتعادنا عن المكاتب والتمشي قليلًا في الخارج فنحن هنا نأخذ قسطًا من الراحة، ولكن الحقيقة أننا نقضي ذلك الوقت محدقين في شاشات هواتفنا، متجولين في أنحاء الفيسبوك أو بين تغريدات تويتر، نتحدث على واتساب أو نتابع الأخبار أو غيرها.
لهذا لابد أن تعقد العزم وتتأكد من حصول دماغك على بعض المساحة لتتجول فيها وتربط النقط وتكون الأفكار بعيدًا عن صخب التكنولوجيا، وخصوصًا بالنسبة لأولئك الذين يعملون في مجالات تتطلب الإبداع.
نحن بحاجة إلى أن نكون مدركين بما يحيطنا، ندرك العادات التي لا نعرف أنها فينا، وهي بالمناسبة كثيرة، على سبيل المثال لا الحصر، اللعب في هواتفنا مباشرة قبل خلودنا للنوم والتحقق منها أول شيء في الصباح قبل القيام من السرير! نحن بحاجة لندع بعض الوقت لأنفسنا لا لهواتفنا، لعقولنا حتى تبتكر وتبدع.
إضافة تعليق جديد