وصمة المرض النفسي

 

توصف وصمة المرض النفسي في أبسط معانيها، بأنها تتكون من جانبين هما:

 الأول: اتجاهات سلبية يحملها الشخص نحو الأفراد المُشخصين بالاضطراب النفسي، كأن نعتقد بأنهم لا ينفعون بشيء أو أنهم عنيفون.

 والثاني: السلوكيات المرتبطة بهذه الاتجاهات، كالابتعاد عن هؤلاء الأفراد وتجنبهم أو حتى إيذائهم، وبلغةٍ أكثر دقة، يمكن القول إن للوصمة ثلاثة مكونات رئيسية؛ معرفي «ذهني»، وسلوكي، وانفعالي. يتمثل المكون المعرفي من معتقدات حول المصابين بالاضطراب النفسي، وهي في جلها صور نمطية، فالصور النمطية هي بِنى معلوماتية تنشأ وتتطور لدى الناس كجزء من نموهم الطبيعي في ثقافةٍ ما، وتبدو للشخص على هيئة «معتقدات مستندة على حقائق»، ولها مكون تقييمي سلبي تجاه من تستهدفهم هذه الصور النمطية، تتحول هذه الصور النمطية إلى تعصب وإجحاف حينما يتفق الناس مع محتوى هذه المعتقدات، وما يتبع هذا من انفعالات سلبية «احتقار، اشمئزاز، غضب...الخ»، وأحكام سلبية على الفئة المستهدفة. أما المكون السلوكي فيتضمن تصرفاتنا نحو هذه الفئة، وسلوكنا الموجهة لهم، فيما يتمثل المكون الانفعالي بما يحمله الشخص من مشاعر وانفعالات سلبية المحتوى نحو أفراد هذه الفئة، كالخوف أو الاشمئزاز منهم. 

ولوصمة المرض النفسي عدة أنواع، منها الوصمة العامة ووصمة الذات ووصمة المختصين. وتشير الوصمة العامة إلى مظاهر التعصب والسلوكيات التمييزية التي يمارسها المجتمع تجاه المصابين بالاضطراب النفسي عموماً، من ذلك تهميشهم والتمييز ضدهم ووصمهم بالعار والخجل منهم وتعريضهم للإيذاء النفسي أو الجسدي، وربما من أكثر أشكال التعصب ضد المرضى النفسيين ضرراً عليهم وصمهم بأنهم عنيفون وخطرون. بينما تشير وصمة الذات إلى الاتجاهات السلبية التي يحملها المصاب نفسه نحو ذاته وإصابته. ومن أمثلتها اعتقاد المصاب بأنه لا يعتمد عليه أو أنه غير صالح لشيء أو أنه مصدر للخزي والعار. أما وصمة المختصين فتشير للمعتقدات التي يحملها المختصون بمجالات الصحة النفسية، كالأطباء النفسيين أو الأخصائيين النفسيين أو الاجتماعيين أو طواقم التمريض النفسي، نحو المصاب بالاضطراب النفسي. إذ يبدو أن وصمة المرض النفسي لا تظهر فقط عند العامة من غير المختصين، وإنما يمكن لها أن تظهر حتى عند بعض المتخصصين النفسيين والممارسين الصحيين عامةً. ومن مظاهر هذا النوع من الوصمة على سبيل المثال: 

1- تحميل الشخص المسؤولية الكاملة عن إصابته.

 2- الاعتقاد بعدم إمكانية التعافي.

3- المبالغة في إشراك المريض في الخطة العلاجية.

 4- المبالغة في تقدير الآثار السلبية لأعراض الاضطراب النفسي على الشخص المصاب ومن حوله.

 وقد يعود ذلك إجمالاً إلى عدة أمور من أهمها ضعف تأهيل القائمين على توفير الرعاية النفسية، وعدم صواب بعض الافتراضات الأساسية التي تقوم عليها الممارسات المهنية النفسية التي يمارسونها مما دُربوا عليه.

في الأسبوع القادم سأتناول بالتفصيل الجوانب المتعلقة بكيفية تشكل هذه الوصمه وأبرز مظاهرها.

د. أحمد كساب الشايع

أستاذ علم النفس المرضي المساعد- قسم علم النفس

_ إشراف اللجنة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية بالجامة «تعزيز»

للتواصل مع الوحدات التي تقدم خدمات الصحة النفسية بالجامعة: 

- وحدة الخدمات النفسية بقسم علم النفس بكلية التربية- هاتف: 0114674801

- مركز التوجيه والإرشاد الطلابي بعمادة شؤون الطلاب- هاتف: 0114973926

- وحدة التوجيه والإرشاد النفسي بعمادة شؤون الطلاب- هاتف: 0114673926

- الوحدة النفسية بقسم علم النفس بالمدينة الجامعية «طالبات»- هاتف: 0532291003

- قسم الطب النفسي بمستشفى الملك خالد الجامعي- هاتف: 0114672402 

- مستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي- هاتف: 0114786100

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA