ليس المعاق معاق الجسد

زاوية آفاق أكاديمية 1290

 

 

لفتني التقرير المنشور بالعدد رقم «1288» من صحيفة رسالة الجامعة، حول مهرجان «إرادة الترويحي الثالث» الذي نظمه مركز ذوي الإعاقة في الجامعة، تزامناً مع اليوم العالمي للإعاقة، والذي شهد مجموعة متنوعة ومتميزة من الفعاليات والبرامج التي تبرز جهود الجامعة في الاهتمام بهذه الفئة الغالية على قلوبنا جميعاً، وتوفير جميع الإمكانات والخدمات الخاصة بهم، إضافة لإبراز مواهب وإمكانات أولئك الأشخاص الذين أنعم الله عليهم بنوع من أنواع الإعاقة.

وأثار إعجابي كثيراً المسابقات الثقافية والرياضية التي شهدتها الفعالية، وشارك بها ذوو الاحتياجات الخاصة على اختلاف إعاقاتهم، والفرحة والحماس يغمران وجوههم ومشاعرهم، إذ لا شك أن هذه الفعالية وما تخللها من فعاليات وبرامج ومسابقات تسهم في احتضان هذه الفئة الغالية على قلوبنا، وتعليمهم وتوفير البيئة المناسبة لتنمية قدراتهم ومهاراتهم. كما أنها تشعرهم بقيمة إنسانية كبيرة أحسب أنهم يفتقدونها نسبياً ألا وهي قيمة «الانتماء الاجتماعي» أو «الاستيعاب الإيجابي».

تخيلوا معي، إخوتي المنسوبين وأعزائي الطلاب، ما يشعر به أخونا وزميلنا من ذوي الاحتياجات الخاصة والذي ألمت به «إعاقة»؛ من «اغتراب اجتماعي» أو «عزلة اجتماعية» عن محيطه، سواء من الأهل والأقارب أو من الطلاب والزملاء، وما قد يتعرض له من معاناة وقسوة ومشاعر سلبية نتيجة عزوف عدد كبير من المحيطين به عن تقبله وتفهمه والتعامل معه بأريحية وإيجابية أو مشاركته في البرامج والأنشطة اليومية والحياتية، ومدى حاجته النفسية والوجدانية للتقبل الاجتماعي من خلال مثل هذه البرامج التفاعلية.

لذلك كله يعد «مهرجان إرادة الترويحي» من وجهة نظري فعالية اجتماعية إنسانية غاية في الأهمية، تتجاوز أهميتها وإيجابياتها شكليات الاحتفال والتكريم والمجاملات، ويمكن اعتبارها أهم وأفضل الفعاليات والبرامج التي يجب دعمها واستمرارها والمشاركة بها، كما يجدر بنا توجيه الشكر والثناء لمركز خدمة ذوي الإعاقة في الجامعة، ولدعم ورعاية معالي مدير الجامعة والوكلاء والعمداء والمسؤولين وجميع المنسوبين، على اهتمامهم بهذه الفئة الغالية على قلوبنا.

وعندما نذكر الدعم والرعاية لهذه الفئة من المجتمع، فإن المردود الأكبر والقيمة المضافة تعود على المجتمع نظير الإنجازات والعطاءات التي تقدمها هذه الفئة. والناظر إلى التجربة البشرية سيشهد على مخترعين ومكتشفين وعلماء أمثال «هيلين كيلر، طه حسين، وابن باز» وغيرهم، قدموا لمجتمعاتهم والعالم ما لم يقدمه كثير ممن متعهم الله بسلامة حواسهم وأبدانهم.

وصدق الشاعر في وصفه لحقيقة الإعاقة بقوله:

ليس المعاقُ معاقَ العقلِ والجسدِ

إنَّ المعاقَ معاقُ الفكرِ والخُلُقِ

د. عادل المكينزي

makinzyadel@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA