الأجهزة الكمية «الثورة الحاسوبية القادمة»

زاوية: إبداعات هندسية

 

 

 

انطلقت الثورة التقنية التي نعيش في خضمها بعد اختراع الترانزستور عام 1947 ليحل محل الأنابيب المفرغة «vacuum tube» التي اخترعت عام 1907 والتي استخدمت لصناعة أول حاسوب، والذي كان حجمه كبيرًا جدًا وكانت قدراته مشابهة لما تقوم به الآلة الحاسبة البسيطة الموجودة الآن من جمع وضرب وغيرها من العمليات الحسابية.

ومنذ ظهور الترانزستور والتطوير عليه لا يتوقف، وفي عام 1954 استخدم السيلكون لبنائه، الأمر الذي ساهم في تصغير حجمه وزيادة أعداده في وحدة المساحة الواحدة، واستطاع العالم «جوردن مور» من التنبؤ بالمستقبل وفق متغيراته الحالية بأن يطلق مقولته الشهيرة: «في كل 18 شهرًا يتضاعف عدد الترانزستورات في المساحة الواحدة تقريبًا».

وظل التقدم في هذا المجال يوافق هذه المقولة إلى الآن، إذ إن أبعاد الترانزستور قد وصلت تقريبا في الحواسب إلى ما يقارب عشرة نانو متر «النانو متر هو جزء من مليار جزء من المتر»، وهو قريب جدا من البعد الذري الذي يبدأ من خمسة نانومترات، ولا يمكننا وقتها أن نعمل ونطور مواد أحجامها أقل من حجم الذرة التي تكونها، وتلك هي النهاية في التطوير لهذه التقنية.

منذ ثلاثين عامًا، ظهرت في الأوراق العلمية والمعاهد العلمية، فكرة الحوسبة الكمية «Quantum computing» والتي تستخدم الإلكترونات في الذرات لحمل القيم الثنائية بدلًا من الترانزستورات، وهذا لن يساهم فقط في استمرارية تصغير وحدات وخلايا الجهاز وحسب، بل سيجعلنا ندخل في حيز ضخم وبعد آخر تماما لم نعرفه قبلا تظهر فيه الفيزياء الكمومية.

المزية الكبرى لوحدات أجهزة الكم تلك والتي تسمى «كيوبت» أنها تحوي القيمتين 0  أو 1  في آن واحد، في الوقت الذي لا يمكن لـوحدة التخزين في الأجهزة المعاصرة إلا حمل إحدى القيمتين.

وينصب تركيز واهتمام جميع دور البحث والمعاهد العلمية في العالم الآن، على تطوير الأجهزة الكمية، وقد ظهرت عدة أوراق علمية تتحدث عن هذا الشأن.

ومن الأمور المنتظر أن تعالجها الأجهزة الكمومية، مشاكل الحرارة في المعالجات، لا سيما في الأجهزة الضخمة، مثلًا كالأجهزة أو السيرفرات التي تعمل عليها مواقع كبرى مثل «قوقل» و«فيس بوك» والتي يتصفحها مئات الألوف أو الملايين في لحظة واحدة، وبالتالي ملايين الملايين من العمليات الحاسوبية التي تقوم بها معالجات تلك الأجهزة.

وبدلًا من استخدام الإشارات الكهربائية في المعالجات للتواصل والعمل والتنسيق بين أجزائها، سيكون الحل هو الانتقال إلى الإشارات الضوئية التي لا تحدث حرارة في الموصلات.

عمر بن عبدالله الربيعة

كلية الهندسة

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA