يستصعب بعض الشباب اقتحام التحديات أو دخول سوق العمل أو خوض غمار تجربة جديدة، ما لم تكن على هواه وحسب رغباته ومقاساته، وقد يُعرض عن الفرص المتاحة ويفضل البقاء في جحيم الفراغ والجلوس على جمر الانتظار، مهدراً عمره وسنواته ومضيعاً فرصة قد تفتح أمامه أبواب النجاح.
منيرة، خريجة جامعية واجهت أزمة بعد حصولها على درجة البكالوريوس في المالية ولم تجد وظيفة لأكثر من عام، وقد تغلغل الإحباط إلى داخلها وشعرت بالعجز، وتأثرت حتى علاقتها بوالديها وإخوتها، وازدادت المشاكل بينهم ما دعاها إلى اعتزالهم والبقاء في غرفتها التي أصبحت منفاها الاختياري.
وعاشت منيرة في جحيم الفراغ وأصبحت لا تخرج من غرفتها إلا إلى لأمر طارئ أو لإعداد أطباق الطعام الخاصة بها، وخفية عن أفراد أسرتها، ثم تفاقمت عزلتها وانفصالها عن محيطها الأسري والاجتماعي إلى الحد الذي دفعها لشراء فرن صغير تعد الطعام فيه داخل غرفتها حتى لا تصادف أحداً من أهلها في المطبخ.
وبعد فترة قرأت منيرة تغريدة في تويتر عن وجود وظيفة شاغرة لموظفة استقبال في عيادة طبية، وقررت أن تقدم عليها مع إدراكها واقتناعها أنها لا ترتقي إلى طموحاتها ودرجتها العلمية، لكنها توقعت أنها ستكون أفضل من جحيم الفراغ الذي ترزح تحت وطأته.
ذهبت إلى العيادة وأجرت معها صاحبة العيادة مقابلة شخصية لم تنته إلا والعرض الوظيفي في يد منيرة، وبعد المقابلة تعاظمت رغبتها في شغل هذه الوظيفة إثر تعامل مالكة العيادة معها، وبقيت الآن الخطوة الأصعب كيف تقنع والديها بالعمل موظفة استقبال.
حدث ما كان متوقعا، إذ رفض والداها هذا الخيار الوظيفي لكن بعد إلحاح من الابنة وافقا بعدة شروط من أهمها ألا تصرح باسمها كاملا، وقد التحقت منيرة بالعمل في العيادة، ونجحت في تجاوز أحزانها وحققت نجاحا كبيرا.
وبعد أقل من سنة من انتظامها في عملها الجديد طلبت منها سيدة تتردد على العيادة رقمها لمناقشتها في موضوع شخصي، والتقيا في مقهى بعد أول اتصال هاتفي، وعرضت عليها تلك السيدة وظيفة في البنك الذي تدير أحد فروعه بسبب التميز الذي لمسته فيها، وافقت منيرة مباشرة.
بعد سنوات من ذلك اللقاء تتبوأ منيرة اليوم منصبا قياديا في ذلك البنك، مما ساهم في تحسن علاقتها مع أسرتها وانقشعت كل الخلافات والاختلافات البسيطة بينهم، تجربة منيرة تخبرنا جميعا أن خطوتك الأولى مهما كانت خجولة ستقودك إلى خطوات عظيمة، المهم أن تخطو وترضى بالقليل لتنال الكثير.
إضافة تعليق جديد