سين وجيم

«كل فتاة بأبيها معجبة» من القائل وما المناسبة؟

أول من قال هذا المثل «العَجفاء بنت علقمة السعدى» وذلك أنها وثلاث نسوة من قومها خرجن فاتَّعدن بروضة يتحدثن فيها، فوافين بها ليلاً مقمراً وروضة معشبة خصبة، فلما جلسن قلن‏:‏ ما رأينا كالليلة ليلة ولا كهذه الروضة روضة، ثم أفضن في الحديث؛ فقلن‏:‏ أي النساء أفضل‏؟‏ قالت إحداهن‏:‏ الخَرُود الوَدُود الوَلُود. قَالت الأخرى‏:‏ خيرهن ذات الغناء وطيب الثناء، وشدة الحياء. قَالت الثالثة‏:‏ خيرهن السَّمُوع الجَمُوع النَّفُوع، غير المنوع. قَالت الرابعة‏:‏ خيرهن الجامعة لأهلها، الوادعة الرافعة، لا الواضعة.

ثم قلن‏:‏ فأي الرجال أفضل‏؟‏ قالت إحداهن‏:‏ خيرهم الحَظِىُّ الرّضِيُّ. قالت الثانية‏:‏ خيرهم السيد الكريم، ذو الحسب العميم، والمجد القديم. قالت الثالثة‏:‏ خيرهم السخيُّ الوفي الذي لا يُغِيرُ الحرة، ولا يتخذ الضرة. قَالت الرابعة‏:‏ لَعمري إن في أبي لنَعْتَكُنَّ؛ كرم الأخلاق، والصدق عند التلاق، والفلج عند السباق، ويحمده أهل الرفاق. قالت العَجْفَاء عند ذلك‏:‏ «كلُّ فتاة بأبيها مُعْجَبة».

وفي بعض الروايات أن إحداهن قالت‏:‏ إن أبي يكرم الجار، ويعظم النار، وينحر العِشَار، بعد الحوار، ويحل الأمور الكبار. فقالت الثانية‏:‏ إن أبي عظيم الخطر، منيع الوَزَر، عزيز النفر، يُحْمَدُ منه الوِرْدُ والصَّدَر. وقالت الثالثة‏:‏ إن أبي صدوق اللسان، كثير الأعوان، يروي السِّنَان عند الطعان. فقالت الرابعة‏:‏ إن أبي كريم النِّزال، منيف المقال، كثير النَّوَال، قليل السؤال، كريم الفَعَال.

ثم تنافرْن إلى كاهنة معهن في الحي فقلن لها‏:‏ اسمعي ما قلنا، واحكمي بيننا، واعدلي، ثم أَعَدْنَ عليها قولَهن، فقالت لهن‏:‏ كل واحدة منكن ماردة، على الإحسان جاهدة، لصواحباتها حاسدة، ولكن اسْمَعنَ قولي‏:‏ خيرُ النساء المبقية على بعلها، الصابرة على الضراء، مخافة أن ترجع إلى أهلها مطلقة، فهي تؤثر حظ زوجها على حظ نفسها، فتلك الكريمة الكاملة، وخير الرجال الجَواد البَطَل، القليل الفشل، إذا سأله الرجل ألفاه قليل العلل، كثير النَّفَل، ثم قَالت‏:‏ كل واحدة منكن بأبيها مُعْجَبة‏.‏

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA