جامعة كامبريدج تختبر «الجرافين» في ظروف الجاذبية الصغرى

تمكنت مادة الجرافين بفضل خصائصها المميزة من البرهان على قدراتها خارج حدود الجاذبية الطبيعية خلال جولة اختبارات أجربت أخيرًا، حين اختبرت على متن رحلة جوية وفرت ظروفًا أصبح الوزن فيها شبه معدوم، وحلقت الطائرة خلالها صعودًا وهبوطًا لمحاكاة ظروف الجاذبية الصغرى لفترات وجيزة لا تتعدى 23 ثانية في كل مرة، وتثير هذه الحركات عادة غثيانًا لدى ركاب الطائرات، غير أن الجرافين صمد في تلك الظروف وقدم أداءً حسنًا.

وقالت البروفيسور أندريا فيراري مديرة مركز الجرافين في جامعة كامبريدج ورئيسة مجلس إدارة مبادرة «جرافين فلاجشب» البحثية في بيان صحافي «أدرك العلماء مبكرًا أهمية الجرافين في التطبيقات الفضائية، لكن هذه المرة الأولى التي تختبر فيها المادة في تطبيقات مشابهة».

وقد اختبر الباحثون قدرة الجرافين على تحسين أداء أنظمة تبريد الأقمار الصناعية باستغلال الخصائص الحرارية الفريدة للمادة، وأوضحت أندريا «نستخدم الجرافين في أنابيب ما نسميه حلقة الحرارة»، وهو نوع من الأنابيب التي تنقل الحرارة بفعالية لمسافات طويلة اعتمادًا على الخاصية الشعرية ما يجعلها مناسبة في الظروف عديمة الجاذبية، وهي تعمل كمضخات تنقل السائل دون الحاجة إلى أجزاء ميكانيكية، ما يعني أنه لا مجال للتآكل والتلف، وهو أمر بالغ الأهمية في التطبيقات الفضائية».

وقال ماركو مولينا، الرئيس التقني لقسم الأنظمة الفضائية في شركة ليوناردو فينميكانيكا «إذا أضفنا الجرافين، سنحظى حينها بأنابيب فعالة أكثر وقادرة على العمل ذاتيًا في الفضاء».

وخلال التجربة، طلى الباحثون الجزء الرئيس من الأنابيب بمادة الجرافين، فأتاحت خصائص الجرافين الحرارية انتقالًا أفضل للحرارة، فضلًا على أن البنية المسامية للمادة زادت المساحة السطحية التي يلامسها السائل، ما أدى إلى تدفقه بسرعة أكبر.

وأظهرت نتائج اختبارات الجاذبية الصغرى تفوق أداء الأنابيب المطلية بالجرافين مقارنة بالأنابيب غير المطلية، ويريد الباحثون تطوير نموذج أولي يستخدم الجرافين على متن محطة الفضاء الدولية أو الأقمار الاصطناعية لاختبارها في الفضاء.

ويرى الكثيرون أن الجرافين مادة قادرة على إحداث نقلة نوعية في علم المواد، وترتبط براعة تطبيقاتها بقدرة المبتكرين على التحكم بخصائصها، وتتنوع تطبيقاتها الحالية من بطاريات تشحن بسرعة أكبر بخمس مرات من البطاريات التقليدية إلى أربطة مطاطية غير قابلة للقطع، بل اكتشف فريق من العلماء وسيلة لزيادة قوة خيوط العنكبوت ومتانتها بتغذية العنكبوت بكميات ضئيلة من الجرافين.

وما فتئ العلماء يبتكرون سبلًا جديدة لتصنيع المادة بسهولة وبتكلفة منخفضة، وإذا استمر هذا الاتجاه ستكتسب المادة أفقًا جديدًا وتنتشر على نطاق واسع وتغدو يسيرة التكلفة على المستهلكين، ولا ريب أن مادة الجرافين تحمل في طياتها مستقبلًا مشرقًا، وما زالت تفتح آفاقًا واسعة من التطبيقات على كوكب الأرض، وربما تتجاوز تطبيقاتها أنظمة تبريد الأقمار الصناعية فتمتد أخيرًا إلى الفضاء السحيق.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA