قرأت لك

الإنسانيات الرقمية
تأليف: غسان مراد

لقد أصبحت الأدوات الإلكترونية في القرن الحادي والعشرين فائقة التسلط، إلى حد أنها سيطرت على عقول البشر، وصارت “لوحة المفاتيح” وسيلة الفكر، ولم تعُد مجرد أداة تساعد المفكر، وأضحى “الكمبيوتر” بديلًا عن أرسطو وعن الفلسفة بعمومها، حسب كتاب «الإنسانيات الرقمية - ترويض اللغة في سبيل معالجتها آليا» لمؤلفه غسان مراد.

حاجز وهمي

ويبدو أن إدخال المعلوماتية إلى مجالات العلوم الإنسانية لم يقتصر على إبقائها في خانة الأدوات المساعدة، بل صار على العاملين في مجالات العلوم الإنسانية أن يتخطوا الحاجز الوهمي الذي وضعوه، ومفاده أن المعلوماتية خُلقت خصيصًا للحساب؛ ما أدى إلى الخوف أو الحذر من الغوص في مجال المعلوماتية، وكان الأجدر بهم الانتباه إلى أن الفكر – وأدواته من اللغة والرموز- هو عملية حسابية أيضًا في كثير من الأحيان.

مدى الارتباط

تطرق هذا الكتاب إلى مدى ارتباط التقنيات الرقمية بالعلوم الإنسانية، ومدى التأثير فيها، وأجاب عن تساؤلات حول: تأثير الثقافة الرقمية في الدماغ البشري، والإعلام، وعلوم اللغة، وكيفية معالجتها الآلية. كما بيَّن ما توصلت إليه الاتجاهات الحديثة للعلوم الإدراكية والذكاء الصناعي؛ معالجًا إشكالية الفجوة الرقمية وأرشفة الوثائق الإلكترونية والتقنيات المحمولة كالهواتف الذكية، في عصر عائم من المعلومات.

جدلية العلاقة

وسرد المؤلف بين دفتي هذا الكتاب عدة مقالات حول موضوع الإنسانيات الرقمية؛ فتحدث عن جدلية العلاقة بين التكنولوجيا والعلوم والمجتمعات الافتراضية التي تحاكي الحقيقة. كما تطرق إلى “الإنسانيات الرقمية” باعتباره علمًا جديدًا يؤثر في طرق التفكير البشري، وأكد أن هناك تلاقحًا بين المعلوماتية والثقافة، وحتمية أنْ يؤخَذ المُكون الرقمي في الاعتبار على غرار التنظيمات المنطقية الأخرى «الاستدلال والاستنتاج والاستدراك». كما تناول مسيرة العلوم الإدراكية، وتعزيز العلوم الأخرى وهي «الفلسفة، والألسنية، وعلم النفس، وعلم الأنسنة، والذكاء الاصطناعيُّ، وعلوم الأعصاب».

الذكاء الاصطناعي

وأورد المؤلف في الكتاب مقالته عن الذكاء الاصطناعي بوصفه مغامرة الكمبيوتر في محاكاة عقل البشر، وأتبعها بمقالة أخرى عن عالِم الرياضيات البريطاني “آلان تورينغ” الذي فكَّ شفرة النازية وهزمها، وتحدث في مقالة أخرى حملت عنوان الذكاء الجمعي «مملكة النمل» عن الشبكات الاجتماعية التي تشكل مسرحًا لا متناهيًا لتلاقح الأدمغة وتداخُل المصالح، وأردفها بمقالة عن نشأة محرك البحث “غوغل” وتطوره، والترفيه البصري الرقمي. كما تطرق إلى التقنيات المستقبلية المرتقبة. وفي مقالة مفردة تناول “آي كوب” الربوت الفرنسيّ الذي أدهش العالَم عام 2013 بما يملكه من مكونات «شبه مماثلة» للجسم البشري، وطرح سؤالاً: هل من الممكن تطوير آلة تحاكي الفكر البشري، وتسهم في حلِّ مشكلات الفكر الإنسانيِّ؟!

أبعد من هويّة

في مقالة أخرى حملت عنوان “أبعد من هويّة ملتبسة” تحدث عن الرقاقات التي تُغرس في الجسد وتغير هويّة الإنسان! ثم تطرق إلى تقنيات الذكاء الاصطناعيِّ التي غزت الصحافةَ من خلال المعلومات، وإلى الكمبيوتر الروائيِّ وتحدي “اختفاء” مهنة الصحافة، وتحدث عن الكتاب الإلكترونيّ، واللغة العالمية والهوية الأدبية، وعن العرب والإنترنت. كما أورد الكتابُ مقالاتٍ حملت عناوين متخصصة، مثل: “إنسان العصر الرقميِّ يعيش تفاوتًا عميقًا” و”أساليب أتمتة المعلومات”، و”المعالجة الآلية للغة والترجمة الآلية”، و”أهمية تدريس المعلوماتية في العلوم الإنسانية”، و”تقنيات القراءة الرقمية وآثارها في الدماغ والذاكرة”، وختم الكتاب بمقالة عن “الاتجاه إلى التكنولوجيا الخضراء”.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA