التأمين الصحي والمجتمع «5/5»

زاوية: رؤية اجتماعية

بيانات الدراسة التي ذكرتها في المقال السابق قسمت في جدول بسيط حيث تضمنت عدد الردود، ومستوى الرد من حيث معنى العبارة التي يذكرها المشارك في المنتدى، والتي تكون مديحاً أو إطراءً، وقسمت إلى درجتين إيجابية بدرجة عالية، وإيجابية بدرجة منخفضة أو تكون العبارة سباً أو استهزاءً، وقسمت إلى درجتين سلبية بدرجة عالية، وسلبية بدرجة منخفضة.

وقد بينت النتائج أن الردود التي جاءت سلبية بدرجة عالية لشيخ «ع ع» بلغت «17» رد «مثال على هذه الردود: أتمنى سجنه هالجاهل، والله ما أنسى تهجمه على الشيخ «ص ح» بكل أسلوب شوارعي، لكن الشرهة على اللي أعطاه وجه. «99٪» من الشعب يحتقرك «ع ع»، ويراك أجهل مخلوقات الله».

أما الردود السلبية المنخفضة فبلغت «18» رداً، وقد يكون السبب أنه يمثل تهديداً لكيان ومصالح الجماعة، فعندما يفصح الأفراد والجماعات عن أيديولوجيتهم خلال اتصالهم بالآخرين، فإنهم يتعاونون مع البعض ويتصارعون مع البعض الآخر، ينحازون لفرد ضد فرد أو لجماعة ضد أخرى، من منطلق إيمانهم بما يعتقدون أنه صواب.

فما يحرك الأفراد ويوجههم هو معتقدهم في أن ما يفعلونه يحقق مصالحهم- التي يؤمنون أنها مصالح المجتمع بأسره– حتى ولو اضطروا لإرغام الآخرين على اتباع ما يؤمنون به – فالمهم هو إيمان الفرد بصحة وصدق ومشروعية المبادئ والأهداف والوسائل التي تتبناها جماعته وتتضمنها وتزكيها أيديولوجيته، حيث يسفه المؤمنون بأيديولوجية ما آراء معارضيهم، ويتهمونهم بالجهل وزيف الوعي.

والدليل على ذلك الردود التي جاءت سلبية بدرجة عالية اتجاه الشيخ «ع م» بلغت ردين فقط، رغم أنه يملك نفس رأي الشيخ «ع ع» في جواز تطبيق التأمين الصحي في المجتمع السعودي، وقد يشير هذا إلى إنه مصنف تصنيفاً إيجابياً لدى الجماعة التي نتنمون إليها حتى ولو اختلف معه معارضوه.

كما أن الردود السلبية المنخفضة التي جاءت عليه بلغت «23» رداً، والتي قد ينظر إليها بأنها ردود عالية إلى حد ما، لكنها ردود أقل حدة من الشيخ «ع ع»، وفيها نوع من الاحترام والتقدير لمكانته «مثال على هذه الردود: الشيخ «ع م» فتاواه فيها نظر، أحسن الله خاتمته».

نستطيع القول إن مضمون ردود أفعال أفراد المجتمع السعودي تجاه تطبيق التأمين الصحي لا تُفهم من خلال التأويل الذاتي، بل من خلال المعايير السائدة في المجتمع والأخذ بها من قبل الأفراد وقبولها على أنها معايير مجتمعهم، عندئذ لا يحصل اختلاف في تفسير وتأويل المعتقدات والأفكار، بل في الواقع يتم انتقال هذه التفاسير بين الناس دون حائل أو عائق، لذا لا تحصل مشاكل بين الأفراد في تقبل وتداول معاني الأحداث والأفكار.

وهذا ينطبق حسب رأي عالم الاجتماع كارل مانهايم حتى على اعتناق العقائد أو مناصرة قضية معينة، لكن هذه المعاني لا تكون ثابتة ومطلقة إلى الأبد، بل تعتريها مراجعات وتنقيات وإعادة تشكيل وتحوير من أجل مسايرة روح العصر، فالتأمين الصحي يعتبر من المستجدات التي دخلت على المجتمع السعودي أدى ذلك إلى مراجعات وإعادة تشكيل في المعاني الثابتة من أجل مسايرة تطورات العصر، وإلى اللقاء.

د. علي بن أحمد السالم

المدينة الطبية الجامعية

alisalem@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA