التقنية بين النقل والتوطين.. التجربة الصينية

تعتبر الصين في زمننا الحاضر الدولة العملاقة سكانيًا وتقنياً واقتصاديًا، أذهلت العالم وبهرته في كل مناحي الحياة، بدءاً من التعليم الجاد وتطوير الفرد مصحوباً بالهمة والإصرار والعزيمة على صنع المستحيل، وانتهاءً ببناء اقتصاد متين أهّل هذه الدولة لأن تأخذ بزمام المبادرة وتنال قصب السبق في الهيمنة الاقتصادية بين دول العالم قاطبة.

إن المشاهد والمتابع للتطور الاقتصادي والتقدم التقني الذي أحرزته وحققته الصين ليصاب بالذهول والانبهار للكيفية التي اعتنقتها والأسلوب الذي تبنته في تحقيق هذه المعجزة الاقتصادية الفذة وتلك التقنية العالية الباهرة.

لقد استحوذت الصين على جل، إن لم يكن كل الصناعات والمتميزة بميزتين قل أن تجدهما معًا في أي منتج خدماتي آخر، وهما الجودة والسعر، ولعل الأخير هو ما يجذب الغالبية العظمى من المشترين لابتياع السلعة، وهذا ما أتاح للسلع والمنتجات الصينية حضوراً قويًا ومنافساً في الأسواق العالمية، حتى أننا ربما نجد صناعات وعلامات تجارية مرموقة قد انتقلت من بلدانها الأصلية إلى الصين.

إذن كيف حدث هذا في بلد كان منغلقاً على نفسه حتى سنوات قليلة مضت، وما الدافع يا ترى لهذا التهافت على الأسواق الصينية من قبل الاستثمارات الأجنبية ‏والتي ساهمت بصورة فعالة في نمو الاقتصاد الصيني بمعدلات عالية لم ‏يسبق لها مثيل ولم تصلها الاقتصاديات الصناعية الأخرى في العالم على مدى سنوات العقد ‏الماضي!

لقد أتيح للصين أن تتمكن من الحصول على التقنيات العالية المحتكرة قبلاً لدى الدول الصناعية ومواكبة الركب التقني بل واجتيازه وسبقه في كثير من الحالات، حتى أصبحت التجربة الصينية للنجاح الاقتصادي والتقني مثالاً حياً ونموذجاً متميزاً جديراً بالدراسة والتأمل والتمحيص لاستخلاص ما من شأنه أن يسهم في التفوق العلمي والتطور التقني وتحقيق النهضة الاقتصادية والصناعية المأمولة لبلداننا العربية والإسلامية بمشيئة الله.

أ. د. عبدالله بن محمد الشعلان

كلية الهندسة

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA