السمنة في المجتمع «3/5»

زاوية: رؤية اجتماعية

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه؛ فإن كان لا محالة، فثلثٌ لطعامه، وثلثٌ لشرابه، وثلث لنفسه». وقال الإمام ابن القيم في «الطب النبوي» في تعلقيه على هذا الحديث: «أخبر النبي صلى اله عليه وسلم، أنه يكفيه لقيماتٌ يقمن صلبه؛ فلا تسقط قوته، ولا تضعف معها، وهذا من أنفع ما يكون للبدن والقلب، فإن البطن إذا امتلأ من الطعام؛ ضاق عن الشراب، فإذا أورد عليه الشراب؛ ضاق عن النفس، وعرض له الكرب والتعب؛ مما يسبب فساد القلب، وكسل الجوارح عن الطاعات، وتحركها في الشهوات التي يستلزمها الشبع، فامتلاء البطن من الطعم مُضِرٌّ للقلب والبدن، هذا إذا كان دائماً، أو أكثرياًّ، وأما إذا كان في بعض الأحيان فلا بأس، فالشبع المفرط يضعف القوى والبدن، وإن أخصبه، وإنما يقوي البدن بحسب ما يقبل من الغذاء، لا بحسب كثرته».

كما أن الحمية أصل من أصول صحة جسم الإنسان، ويقصد بالحمية: احتماء الإنسان من الطعام سواءٌ كان مريضاً أم سليماً، وإن كانت تطلق في حق المريض أكثر. قال عبدالملك بن حبيب في «الطب النبوي» فيما جاء في حمية المريض، فيما سمعه عن بعض الأطباء والحكماء: رأس الطب الحمية، ثم قال: وقد حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بالحمية عمر بن الخطاب، وغيره من الصحابة.

وقال الدكتور محمد البار في شرحه وتعليقه على كتاب «الطب النبوي» لعبدالملك بن حبيب: «الحمية من أنواع الطعام، أمرٌ يمارسه الأطباء يومياً، فمريض السكر لديه قائمة طويلة من الأطعمة الممنوع تناولها، وكذلك مريض ضغط الدم، ومريض الكُلَى، ومريض المعدة، والأمعاء، والمصاب بارتفاع الدهنيات في دمه له حمية خاصة، كما أن هناك الحمية العامة للتخفيف من آثار السُمنة».

ومن المتعارف عليه عند الناس أن وجبات الطعام ثلاث: إفطار، وغداء، وعشاء، والناس مختلفون في أي هذه الوجبات الثلاث هي الرئيسية، فأكثرهم أنها الغداء، وبعضهم يجعلها العشاء، والقليل منهم يكون وجبته الرئيسية هي الإفطار، وتختلف مدة هضم الطعام في المعدة ما بين ساعتين، في الطعام اليسير المكوَّن من صنف أو صنفين من الأطعمة الخفيفة كالفواكه والعصائر والحليب وما شابهها، وبعض آخر تستغرق مدة هضمه من أربع إلى خمس ساعات، إذا حوى الطعام أصنافاً متعددة من المأكولات غير ما ذُكر، وقد تمتد مدة الهضم إلى سبع ساعات، إذا كان الطعام يحتوي على شحوم، ومواد دهنية كثيرة.

فعلى هذا ينصح الإنسان إذا أكل وجبة متوسطة، يستغرق هضمها ما بين أربع إلى ست ساعات، ألا يأكل طعاماً آخر في أثناء هضم الطعام الأول، بل عليه أن يريح المعدة أيضاً، بعد عملية الهضم لمدة ساعتين أو ثلاثاً؛ حتى تستعيد قوتها ونشاطها، وترتاح من عناء الهضم الذي استغرق خمس أو ست ساعات متواصلة، لكن المشاهد في حياة كثير من الناس، أنه إذا تناول وجبة وصفتها كالذي ذُكرت أعلاه، ثم زار صديقاً، أو دُعي إلى وليمة عُرسٍ أو عقيقة أو مناسبة، فإنه لا يتردد في الأكل؛ إما شرهاً أو استحياءً، وهذا هو المضر بجسم الإنسان وصحته، وللحديث بقية إن شاء الله تعالى، وإلى اللقاء.  

د. علي بن أحمد السالم

المدينة الطبية الجامعية

alisalem@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA