آفاق أكاديمية

اللباس الوطني يقاوم العولمة

لا شك أن لكل مجتمع هويته الوطنية وشخصيته المستقلة، التي يفتخر بالتمسك بها والتقيد بتفاصيلها، ولا تقتصر الهوية الوطنية على عنصر واحد بل تجمع عدة عناصر منها رموز وعادات وتقاليد وتراث ديني واجتماعي.

وتتمثل الأزياء الوطنية التقليدية جزء من الموروث الذي توارثته الاجيال وما وصلنا الينا ممن سبقنا فهو عنصر تميز يسعى المجتمع للمحافظة عليه في المحافل المحلية والدولية ويكون مصدر فخر وإلهام، فالصيني مثلاً لديه هوية تختلف عن الهندي وكذلك الأوروبي، والشرق أوسطي وهكذا دواليك.

فالتراث الشعبي هو روح الامة، ويحيي وعي الشعوب، ويتمثل الشخصية الوطنية، فضلا أن يعيش في عقول ونفوس الجماهير، ليكون مددا ووقودا للابداع والطاقات الخلاقة في مسيرة التنمية والنهوض. فالتراث نتاج ثلاثية  التاريخ والانسان والجغرافيا، فهو ميراث اجدادنا ممن ارتوت جذورهم من تراب الوطن، ليصل الينا ماديا ونفسيا وروحيا.

اللباس أو الزي الوطني يعد من رموز الشخصية الوطنية، ومن خلاله يوصل الشخص رسالة اتصالية عن طبيعته وهويته واعتزازه بوطنه. لذا لم مستغرب التوجيه الذي صدر عن أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل، والذي وجه من خلاله كافة جامعات وكليات منطقة مكة المكرمة بإلزام الطلاب بالتقيد بالزي السعودي الرسمي. وهو تأكيد لقرار سابق بضرورة الالتزام باللباس الرسمي في الدوائر الحكومية ..وهو بهذا القرار يؤكد التمسك بتقاليد المجتمع السعودي، وأهمية التقيد باللباس والمظهر الذي يليق بالطالب الجامعي من ناحية وبالصروح التعليمية الرائدة من ناحية ثانية.

كما أن هذا التوجيه يتوافق مع اللوائح الإجرائية والتنظيمية وميثاق الطالب الذي تصدره عمادات شؤون الطلاب في مختلف الجامعات، والتي تؤكد في بنودها على وجوب التزام الطلاب باللباس اللائق داخل الحرم الجامعي، باعتبار أن التزام الطالب بالزي الوطني يجسد في الأساس احترام النظام العام ويظهر افتخار أبنائنا الطلاب بهويتهم الوطنية.

وقد بادرت عدد من جامعات منطقة مكة المكرمة بالاستجابة لهذا التوجيه الكريم، فألزمت جامعة الملك عبد العزيز، على سبيل المثال، الطلاب بارتداء الزي السعودي داخل أروقتها، وأصدرت تعميماً وصفته بـ “المهم والعاجل” طالبت فيه وكلاء الكليات وأعضاء هيئة التدريس بإلزام الطلاب بارتداء الزي السعودي.

لعلي أحيي  أمير مكةعلى تأكيده للأوامر الخاصة بالالتزام بالزي الوطني والتي جائت نتيجة لما انتشر مؤخرا  من ملابس»الجينز والقميص» بل»زودها» البعض بارتداء ملابس لا تتلائم وشخصية الانسان السعودي وتراثه من برمودا والاكسسوارات فضلا عن تجاوز حدود الذوق العام والأدب مثل بنطلونات «طيحني وسامحني يابابا» ناهيك عن الرسومات والأشكال التي تحمل رموز غريبة عن بلادنا في محاولة لتقليد مشاهير من فنانين ولاعبين لا يمتون لمجتمعاتنا العربية والاسلامية بصلة!!

وهذا الواقع يذكرنا بقول المتنبي:وَلَكِنّ الفَتى العَرَبيّ فِيهَا, غَرِيبُ الوَجْهِ وَاليَدِ وَاللّسَانِ. 

بقي أن نقول نتمنى أن يقول الزملاء بقسم الاجتماع  وعلم النفس كلمتهم أمام هذه المتغيرات والسلوكيات وسبل معالجتها، كما نتمنى ايضا من ادارة الجامعات التي تمثل مصانع العلم وبناء العلماء أن تبادر في احتواء هذه الظواهر وضبطها وفقا للانظمة واللوائح حماية لشبابنا وحفاظا على شخصيتهم الوطنية.

د. عادل المكينزي

makinzyadel@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA