المستشفى والمجتمع «1/3»

زاوية: رؤية اجتماعية

 

 

 

 

كلمة مستشفى جاءت في معجم اللغة العربية المنجد الوسيط، بمعنى «دار للمرضى، مُجهزة بالأطباء والمُمرضين والأدوية والمختبرات الطبية والأسِرة». وفي معجم العلوم الاجتماعية وردت بمعنى «مكان مخصص لتأمين العلاج للمرضى ومهيأ بجهاز بشري متخصص بآلات تسمح بتأمين هذا الدور على أكمل وجه».  

ومنظمة الصحة العالمية تُعرف المستشفى بأنه «جزء أساسي من تنظيم طبي واجتماعي وظيفته تقديم رعاية صحية كاملة للسكان، علاجية كانت أو وقائية، وتمتد خدمات عياداته الخارجية إلى الأسرة في بيئتها المنزلية، وهو مركز لتدريب العاملين الصحيين وللقيام ببحوث اجتماعية بيولوجية».

وكان لمنظمة الصحة العالمية، رأي بأن التعريف أعلاه قد لا ينطبق على كثير من المستشفيات في بعض الدول النامية، لذلك عرفته بأنه «مؤسسة تكفل للمريض الداخلي مأوى يتلقى فيه الرعاية الطبية والتمريض».

أما الجمعية الأمريكية للمستشفيات فتعرف المستشفى بأنه «مؤسسة تحتوي على جهاز طبي منظم يتمتع بتسهيلات طبية دائمة تشمل أَسِرّة للتنويم وخدمات طبية تتضمن خدمات الأطباء وخدمات التمريض المستمرة لتقديم التشخيص والعلاج اللازمين للمرضى».

وفي نظام المؤسسات الطبية الخاصة في المملكة العربية السعودية الصادر بالمرسوم الملكي رقم «م/58» وتاريخ 3/11/1407هـ جاء معنى المستشفى بأنه «كل مكان معد لاستقبال المرضى والكشف عليهم وعلاجهم وتنويمهم فيه».

في المجتمعات القديمة كانت العائلة هي المؤسسة التي تعالج الأمراض والإصابات في أغلب الأحيان، كما أن عدداً من مشاهير الأطباء والمؤسسات قد برزوا في بعض المجتمعات القديمة، غير أن المعالجة ظلت وقفاً على فئات من الممارسين الذين يستخدمون مزيجاً من العلاجات الدينية والمدنية والسحرية.

وقد أحدث ظهور الدولة الحديثة وانتشار التصنيع تغييرات جذرية على هذا الوضع، ما أدى إلى تغير المواقف والتوجهات إزاء من يقطنون في إطار تلك الدولة، حيث إنهم لم يعودوا مجرد مقيمين على تلك الأرض، بل أصبحوا سكاناً يستظلون بحكم سلطة مركزية يفترض فيها أن تهتم بأمورهم.

وغدت السلطة تنظر إلى هذا التجمع البشري باعتباره مورداً ينبغي مراقبته وتنظيمه من أجل تعظيم الثروة والقدرة الوطنية، وبدأت الدولة تبدي اهتماماً متزايداً بصحة سُكانها لأن مستواهم الصحي يؤثر في إنتاجية البلد ومستوى ازدهاره وقدراته الدفاعية ومعدلات نموه، وتمثل المستشفيات في الدولة الحديثة البيئة الطبيعية المناسبة لمعالجة الأمراض، وهي المعالجة التي تعتمد على تضافر عدة عناصر من بينها التقنية والمعالجة بالأدوية والجراحة.

ولم تصل المستشفيات الحديثة إلى ما وصلت إليه إلا من خلال تطورات تاريخية تعود جذورها إلى الحضارات القديمة التي جسدت محاولات الإنسان المستمرة لتوفير أماكن لعلاج المرضى وإنقاذ المصابين، وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى، وإلى اللقاء. 

د. علي بن أحمد السالم

المدينة الطبية الجامعية

alisalem@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA