المستشفى والمجتمع «3/3»

زاوية: رؤية اجتماعية

 

 

 

 

تؤثر القيمة الإنسانية في مدى حاجة المجتمع إلى المستشفيات، وتكون على ثلاثة مستويات مختلفة «المريض، والأسرة، والمجتمع»، وعند حساب القيمة الإنسانية، لابد من الأخذ في الاعتبار أربعة جوانب مهمة، الأول المعاناة الجسمية: كعدم الارتياح، الألم، الانزعاج والارتباك، وتشمل المريض بمفرده.

الثاني المعاناة النفسية: كالخوف، القلق، الوصمة الاجتماعية، وتشمل المريض والأسرة، الثالث خطر العجز الدائم ويشمل المريض والأسرة والمجتمع، الرابع التمزق الاجتماعي ويكون على مستوى شخصي، أسري، مجتمعي.

هذه الجوانب الأربعة تقيم قوة كل ميزة على ثلاثة مستويات، وهناك طريقة مبسطة ونموذج وضعه العالم «شوراتز» لحساب قوة كل ميزة في كل مستوى بإعطاء ثلاث نقاط عندما نعتبر المعاناة عالية، ونقطتين عندما تعتبر متوسطة، ونقطة واحدة عندما تعتبر منخفضة، وعندما لا تنطبق الميزة فإنها تعطى صفراً، فالقيمة الإنسانية تساوي مجموع نقاط «المعاناة الجسمية + المعاناة النفسية + العجز + التمزق الاجتماعي». 

كذلك القيمة الاقتصادية لها تأثير في حاجة المجتمع للمستشفيات، لأن الأمراض والعجز يؤديان إلى مزيد من الحاجة للمال بسبب تكاليف العلاج والنقل إلى المستشفى؛ وأكثر من يحس بالخسائر المادية الناتجة عن المرض أو الوفاة هو المريض والناس القريبون منه اجتماعياً، إلا أن تأثيرها يصل إلى المجتمع ككل، حيث يفقد المجتمع عضواً عاملاً منتجاً، والوظائف التي كان يقوم بها هذا الشخص قد تحتاج إلى شخص آخر ليقوم بها؛ الأمر الذي قد يحتاج إلى ترتيبات خاصة، وفي بعض الأحيان، فإن خدمات الرعاية الاجتماعية قد تتوافر للشخص المريض أو العاجز، وهذه أيضاً تحتاج إلى مصدر للتمويل.

إن ضمان استمرارية تقديم الخدمات العلاجية في المستشفيات كتوفير الأدوية والمواد الطبية الأخرى مكلفة، وحتى إذا كان الناس يدفعون رسوماً، فإن هذه الرسوم لا تغطي التكاليف الحقيقية، فالقيمة الاقتصادية للاحتياجات الصحية، تعتمد على الخسائر التي ربما وازنتها المكاسب جزئياً، وقد تخص هذه الخسائر المريض وأسرته والمجتمع.

ولتقليل القيمة الاقتصادية، فإن المكاسب والخسائر يمكن تقييمها؛ باستخدام نفس نظام النقاط المبسط الذي أشار إليه العالم «شوراتز» في القيمة الإنسانية أعلاه.

الخلاصة، أن المستشفى في المجتمع ليس هو الخيار الوحيد في مسألة العلاج والتداوي، وحصر مسألة الشفاء من الأمراض لا يتم إلا من خلال أماكن المستشفيات قول غير دقيق كما يعتقده بعض نقاد النموذج الطبي الحيوي، إذ يرون أن التحسن الذي طرأ على الأوضاع الصحية بصورة عامة في العصر الحديث لا يعود في جوهره إلى تقدم الطب الحديث بقدر ما يرجع إلى التغيرات الاجتماعية والبيئية.

كما أن الأثر الإيجابي الذي ظهر على أوضاع الناس الصحية في المجتمع إنما يعود أساساً لفعالية أساليب المحافظة على الصحة العامة، ونظافة المياه، والحيلولة دون تفشي الأمراض وتطور أساليب التصريف وتحسن نوعية الغذاء، وإلى اللقاء.   

د. علي بن أحمد السالم

المدينة الطبية الجامعية

alisalem@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA